تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة للاجتماع التشاوري العربي بشأن فلسطين

2010-09-23

نقاط موجزة من البيان السياسي للدكتور عزمي بشارة


 

1. اجتماعنا اليوم هو اجتماع عربي دُعِيَ إليه مثقفون ونشطاء ومناضلون عرب تشغلهم  قضية فلسطين، ويعتبرونها قضيتهم. ويتغيّب عنه عددٌ كبيرٌ جدا من الأخوة والأخوات المناضلين والمثقفين العرب الذين عبروا عن دعمهم الكامل للمبادرة، إذ لم يتمكنوا من الحضور لضيق الفترة بين الدعوة والاجتماع. وعلى كل حال اجتماعنا تشاوري وتصعب إدارته بحضور جمهور غفير. وقد رأينا ان ندعو اليه لأن أحد أهم أهداف الهيئة هو استعادة البعد العربي لقضية فلسطين. فبموجب هذا  الهدف يصبح الاجتماع هذا مقدمة ضرورية لمؤتمر الهيئة التي تفتح عضويتها للأخوة العرب. وهو ليس هدفا عشوائيا أو شعارا ينم عن حنين لما مضى وانقضى، بل هو موقف مبني على تشخيص وتحليل. وتشخيصنا السياسي هنا هو أن التراجع الذي أصاب تمثيل الشعب الفلسطيني سياسيا على مستوى المفاوضات وغيرها، ومسلسل التنازلات المستمرة التي تنجم عن كل جولة تفاوض منذ اتفاقيات أوسلو، هي تحصيل حاصل لفصل قضية فلسطين عن الأمة العربية وتحويلها الى قضية الفلسطينيين.

2. وما نشهد حاليا من تفاوض هو دليل آخر على هذه المقولة. لقد قبل الطرف المفاوض من قبل السلطة الفلسطينية أن يحوّل نفسه إلى مجرد أداة في العلاقات العامة للسياسة الأميركية في المنطقة، وإلى أداة في العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فبموجب حاجات هذه العلاقات تقررت جولة المفاوضات الاخيرة، والتي  انتقلت الى القدس المحتلة التي تجري فيها عمليات التهويد دون توقف، ولا تخضع لتجميد الاستيطان. وفي هذه الجولة الأخيرة تم تهميش حتى ما يسمى مرجعية المفاوضات، وذلك بعد أن همشت الجولات السابقة حتى القرارات الدولية الناقصة وجعلت المفاوضات برعاية أميركية حصرية، وجعلت موازين القوى فيها هي المقررة وليس حقوق الشعب الفسطيني الثابتة، ولا حتى تلك المنقوصة التي نصت عليها القرارات الدولية. ونتائج المفاوضات من دون مرجعية ومن دون نضال وبالتخلي عن أية اداة أخرى هي إما قبول الشروط الاسرائيلية أو الاستمرار بالتفاوض، لتصبح عملية التفاوض هدفا قائما بذاته.

3. وفي وقت تسخيف مؤيدي التسوية الراهنة لفكرة الثوابت او كما نسميها نحن الحقوق الثابتة، اي غير القابلة للتصرف، في غياب اي مرجعية أخرى، أود أن أذكر بان هنالك طرف يتمسك بثوابته، وحوّلها الى ما يسميه مبادئ الاجماع القومي. وهو الاحتلال الاسرائيلي، الذي صار يسمى طرفا. صحيح ان هذا "الطرف" قد قدم بعض التنازلات هنا وهناك، وصورت هذه من قبل اليمين الاسرائيلي لاسبابه المتعلقة بوجوده في المعارضة، ومن قبل مؤيدي التسوية العرب كأنها نهاية المشروع الصهيوني وكبداية لتراجع الصهيونية، إلا أن ايا منها لم يمس بالأسس. وهي: أ. يهودية الدولة، أو الدولة اليهودية. ويشتق منها ب. رفض حق العودة، ورفض العودة الى حدود عام 1967، مع عدم ضم المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 لكي لا تتعرض يهودية الدولة للخطر. ج. التمسك بالسيادة الاسرائيلية على القدس. د. عدم الموافقة على أية خطوة من شأنها المس بالامن الاسرائيلي (وهذا يعني عادة ترتيبات أمنية تمس بسيادة الآخرين). ه. الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

4. وهذا يعني أنه حتى حين اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية فإنها لم تتنازل عن اي من هذه الثوابت، في حين قدمت المنظمة تنازلات في مقابل الاعتراف بها. لقد استخدمت الانتفاضة الاولى من اجل الاعتراف بمنظمة التحرير وليس بحقوق الشعب الفلسطيني. وكل ما فعلته إسرائيل إزاء الوضع الجديد دوليا وعربيا هو أنها استبدلت تسوية اقليمية في الضفة الغربية مع الأردن بتسوية إقليمية في الضفة الغربية وغزة مع منظمة التحرير، وسلام منفرد مع الاردن. وبدل نقل المناطق الفلسطينية المكتظة بالسكان الى إدارة اردنية في إطار التسوية، يجري نقلها الى منظمة التحرير لتديرها. كل هذا مع الحفاظ على مبدأ عدم الانسحاب الى حدود 1967 بما في ذلك في القدس، وان يكون الكيان الفلسطيني الوليد منزوع السلاح، والإبقاء على السيادة الاسرائيلية على الأجواء وحتى على المياه الجوفية، وعلى وجود اسرائيلي على الحدود مع الاردن.

 5. نحن نؤكد على البعد العربي لقضية فلسطين لأن اتفاقيات أوسلو التي نكبت حركة التحرر الوطني الفلسطيني وحولتها الى كيان سياسي في ظل الاحتلال ومقيد بقيوده، هي التطبيق الفلسطيني الممسوخ لنموذج اتفاقيات الصلح المنفرد مع إسرائيل والتي بدأت باتفاقيات كامب ديفيد وانتقلت الى أوسلو، وتابعتها اتفاقية غور الأردن، ومأسستها مبادرة السلام العربية. تنطلق اتفاقيات الصلح العربية من أن قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين، ( لتصبح قضية جزءٍ من الفلسطينيين عبر ممثلهم الذي كان شرعيا ووحيدا يريح النظام الرسمي العربي من عبء القضية، ثم أصبح سلطة في ظل الاحتلال وتنسق معه أمنيا). كما تبين أنه  بعد ذلك تصبح القضية العالقة بين اية دولة عربية على حدة واسرائيل هي قضية أراضيها المحتلة عام 1967 على النموذج الذي قدمته مصر في كامب ديفيد. لتصبح استعادة هذه الأراضي شرط السلام الوحيد.

6. وعندما جرى تبني هذا النموذج المفتت للأمة ولهويتها فلسطينيا، لم يبق شيء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وذلك قبل ان تحقق أهدافها. فلسطينيا حوّل هذا الوضع حق العودة الى قضية علاقة بين اللاجئين في كل دولة عربية وبين الدولة ذاتها وحوله من حق العودة المرتبط بالتحرير الى مجرد رفض التوطين، وما يجره هذا الانتقال من سياسات هوية وطنية محلوية تبنى على حساب الفلسطينيين وعبر التحريض ضدهم احيانا. وهذا ينقل الصراع العربي الاسرائيلي إلى صراع داخل الساحة العربية، تماما كما حوّلت اتفاقيات أوسلو الصراع الفلسطيني ضد اسرائيل الى صراع فلسطيني فلسطيني.

7. وعلى المستوى العربي ساهم هذا الانفصال عن قضية فلسطين في تفتيت الامة. لان الدول العربية وجدت نفسها مضطرة الى إضعاف الانتماء العربي لشعوبها لتمرير هذا النوع من التفكير بقضية فلسطين. وإضعاف الانتماء العربي لا يفتت الأمة الى دول غير ناجحة في اقامة امم بديلة فحسب، بل  يساهم في تشتيت المجتمعات العربية داخليا، اي في كل دولة على حدة. وليس هذا هو السبب الوحيد للتفتيت الجاري حاليا، ولكننا ندعو الى عدم الاستخفاف بوزن قضية فلسطين في تشكل وتلاحم الهوية العربية الحديثة رغم الحدود بين الدول.

8. وهذا الوضع هو الوضع الذي كان سابقا على ترك العراق للعراقيين خلافا للموقف العربي المشهود من ثورة الجزائر، وهو الذي اسس في الثقافة العربية السياسية للاعتراف العربي عمليا بمجلس الحكم الؤقت، ولترك المآزرة والمقاومة للشعوب بشكل يتحدى القوانين والحدود العربية، وذلك من دون اعتراف الدول بفكرة المقاومة العراقية، ولا حتى بتسميتها كذلك. لقد كانت الخطئية الأولى في فلسطين، في ترك فلسطين للفلسطينيين، وعمليا تركها فريسة للإسرائيليين، وكانت الخطيئة الثانية تحويل حدود 67 الى غاية المطالب العربية لسلام مع إسرائيل، وهذا غير ممكن من دون تهميش قضية فلسطين، وكانت الخطيئة الثالثة بالاعتراف العربي بسلطة فلسطينية في ظل الاحتلال. الموقف العربي من العراق والسودان والصومال هو تحصيل حاصل لانتشار هذه الثقافة السياسية في الأنظمة العربية.

9. وفلسطينيا عنى هذا الوضع التمسك بفكرة الدولة والكيان كبديل عن الحقوق التي نسميها نحن الحقوق الثابتة. كان يجب ان يكون أساس الصلح المنفرد كما في كل حالة عربية صلحا بين دولة فلسطينية وأخرى اسرائيلية من الناحية النظرية، أما عمليا فهنالك دولة يهودية محتلة وتنازل فلسطيني عن الحقوق الثابتة ليس مقابل دولة، بل مقابل فكرة الدولة. وهي تتحقق بالتدريج ويجري تفصيلها بموجب موازين القوى. كان ثمن فكرة الدولة الاعتراف باسرائيل والتخلي عن حركة التحرر فكرا وممارسة، ثم كانت النتيجة الفورية هي التخلي عن قضية اللاجئين، قضية العودة، فما حركة التحرر الوطني الفلسطينية الا حركة لاجئين... وسوف تنتهي حتى الى التخلي عن حدود 67 بما فيها القدس الشرقية. وهي الحدود التي تشكل شرطا للصلح المنفرد بين أية دولة عربية  واسرائيل. ومن هنا نقول ينتهي فلسطينيو التسوية إلى شكل ممسوخ من الصلح المنفرد، لا يتضمن حتى حدود 67، ولا يتضمن حتى دولة مستقلة فعلا.  ونحن نلمس هذا التنازل عبر الحديث عن موافقة فلسطينية على مبدأ تبادل الأراضي. اما القيود على سيادة هذه الدولة فيجري الحديث عنها صراحة كأمر مفروغ منه. وهي قيود سافرة في الممارسة الحالية للسلطة الفلسطينية، وذلك من خلال تغلّب الجانب الأمني على وظيفتها وطبيعة اتفاقياتها وممارساتها، وتحويل التطوير الاقتصادي من جهة، والحصار من جهة أخرى إلى أدوات في خدمة الوظيفة الأمنية للسلطة كعملية احتواء للإرادة الشعبية من جهة، وكردع لها من جهة أخرى.

10. وهذه حالة سياسية أنجبت نخبا سياسية على صورتها ومثالها، فلكل زمان دولة ورجال. وكنا قلنا ان الباقي تفاصيل، لولا ان بعض التفاصيل هو حياة بشر يومية، وثقافة أمة، وهويتها وانقلاب قيمي سيكون له، اذا مرّ، أثر كبير على شخصية الشاب العربي. فتاريخيا قضية فلسطين هي قضية استعمارية على جزء من الوطن العربي، إنها قضية الوطن واللاجئين. وتاريخيا هي قضية الأمة. والأمة التي تسلِّم باحتلال جزء منها، إنما تسلم باحتلال اجزاء أخرى. والأهم من ذلك أنها تفقد مقومات وحدتها وقيمها وهويتها.

11. لقد أدى خيار التسوية والتخلي عن صيغة حركة التحرر الوطني الفلسطيني الموحدة إلى ظهور واقع جديد هو المقاومة العابرة للفصائل من جهة والتنسيق الامني مع الاحتلال من جهة أخرى. لقد تميّزت مرحلة ياسر عرفات الأولى في السلطة بعد اتفاقيات أوسلو بمحاولة للتوفيق بين الأمرين. ولكن هذه المحاولة لم تتجنب الاضرار الكبيرة والكارثية لاتفاقيات اوسلو، وانتهت نهاية مأساوية باستشهاده. وقد كشفت النهاية هذه عن فرز سياسي غير مسبوق على الساحة الفلسطينية.

12. لقد عرفت الحركة الوطنية الفلسطينية في الماضي انقسامات وخلافات بعضها سياسي فلسطيني فعلا، وبعضها يعبر عن خلافات بين دول عربية. وقد وصل بعضها حد الاشتباك. ولكن ايا من هذه الخلافات لم يجرِ خارج سقف الموقف الوطني الذي يرى بإسرائيل عدوا. أما الخلاف الحالي فهو بين قوى تنفذ اتفاقيات مع إسرائيل وتشمل التنسيق الأمني ضد المقاومة (بغض النظر عن انتماء المقاومة الفصائلي  فقد كان مقاومو حركة فتح هم أول الضحايا لعملية التنسيق الأمني هذه) من جهة ، وقوى سياسية أخرى ترفض الامتثال لاتفاقيات أوسلو من جهة أخرى. والأخيرة هي قوى المقاومة، بغض النظر إن كانت تمارس المقاومة المسلحة في اي لحظة معطاة. فالمقاومة ورفض اتفاقيات أوسلو هما خيارها العلني وهي تتعرض للحصار بسببه. وقد جرى التآمر على نتائج الانتخابات الفلسطينية بحصار دولي، ثم أفشلت حكومة الوحدة الوطنية بتواطئ عربي أيضا بسبب خيارها هذا.

13. الطريف أن من يحارب المقاومة وينسق أمنيا مع إسرائيل بإجراءات ضدها يتهمها حين يحلو له انها لا تقاوم، وذلك حسب طبيعة الجمهور المخاطب، وذلك بنبرة تهكمية، لكنها خطيرة، لأنها ترغب بالايحاء أنه لا فرق بين طرف وآخر، وأنه لا احد يقاوم. إذا كانت حركات المقاومة لا تقاوم في اي لحظة معطاة، فهذه حجة على من يتهمها وليس عليها، لأن أحد أسباب عدم تمكنها من المقاومة هو تنسيقه الأمني مع اسرائيل.

14. ومن هنا فإن أيَّ تحرك لاستعادة البعد العربي لقضية فلسطين وللتمسك بالحقوق الثابتة لشعب فلسطين لا يمكن أن يقف موقفا محايدا بين المقاومة من جهة والتنسيق الأمني مع الاحتلال من جهة أخرى. وهذا لا يعني أن يتخذ التحرك موقفا فصائليا. فليست الهيئة طرفا في الصراع الحزبي والتنظيمي القائم، ويجب ان تبقى خارج الصراع  الفصائلي. والكثيرون من أعضاء كافة التنظيمات والفصائل القائمة يتشاركون في الموقف المتمسك بالحقوق الثابتة لشعب فلسطين، كما يتشاركون في التمسك بخيار المقاومة، أو برفض التنسيق الأمني مع الاحتلال على الأقل. نحن نتوقع من كل وطني بغض النظر عن التنظيم الذي انتمى اليه في حياته السياسية أن يتمسّك بالحقوق الثابتة، وأن يرفض التنسيق الأمني مع الاحتلال. والهيئة هي مكان له إلى جانب فلسطينيين لا ينتمون لأي تنظيم، وإلى جانب عرب يرون بقضية فلسطين على هذه الأسس قضية الأمة.

15. تسعى الهيئة الوطنية لنشر ثقافة التمسك بالحقوق الثابتة لشعب فلسطين، بما فيها حق العودة وتقرير المصير. كما تسعى إلى استعادة البعد العربي لقضية فلسطين حتى لا تبقى الخيارات المطروحة بين مفاوضات عبثية من جهة، ومقاومة تتحدي حصار عربي رسمي على خيار المقاومة من جهة أخرى. وفي حالة فلسطين لا يمكن ايها الاخوة ان ينتصر خيار المقاومة اذا لم يكن عربيا. قد يحقق منع التطبيع مع الاحتلال ويحقق انجازا هنا وآخر هناك، كما قد يعطي اشارات هامة لامكانية النجاح على جبهات عينية، ولكنه لا يحسم الصراع من دون البعد العربي. المقاومة هي شرط ضروري ولكنه غير كاف للنجاح خاصة في ظل الأوضاع العربية الراهنة. وعلينا في هذا الاجتماع ان نناقش دور الهيئة في استعادة البعد العربي وفك الحصار الرسمي العربي على خيار المقاومة.

16. ونحن نرى أن الهيئة يجب ان تجمع كافة الفعاليات المستقلة من جمعيات ومؤسسات وشخصيات مستقلة ومناضلين ومناضلات من داخل الفصائل وخارجها، أولئك الذين نشطوا بشكل مستقل دفاعا عن الحقوق الفلسطينية خاصة حين غابت منظمة التحرير عن المشهد، وحين حوّلت المفاوضات الى الاداة الوحيدة لتحصيل الحقوق فهمشت الحقوق، أو حين سمح بتحويلها الى مجرد اداة بيد السلطة الفلسطينية في مقارعة الخصوم السياسيين.

لا بد من جمع هؤلاء الذي نشطوا بشكل فردي أو جماعي في مواقعهم في اللحظات الصعبة التي مرت منذ الانتفاضة الثانية. ولا بد من منحهم سقفا سياسيا يوجه النضال وينسق بينهم، ويجعل منهم قوة سياسية فاعلة وجماهيرية، ومؤثرة على عملية صنع القرار فلسطينيا وعربيا. كما يحولها الى قوة ضاغطة لإعادة بناء منظمة التحرير. وهذا يتطلب عملا في توسيع عمل الهيئة عربيا ورفدها بقوى وشخصيات وازنة في كل بلد عربي. وعلينا اليوم ان نتداول ونقترح نوع النشاطات والخطوات التي سوف تقوم به على النطاق الفلسطيني والعربي.

17. ليس الحديث هنا عن فصيل فلسطيني جديد، ولا عن تحرك ضد الفصائل والقوى القائمة. فالهيئة تحترم كافة الفصائل وترى فيها محور الحركة الوطنية الفلسطينية. ولن تدخل الهيئة في صراع او حتى سجال مع أي منها. بل إن الحديث هو عن حراك شعبي على المستوى الفلسطيني والعربي وعلى المستوى الدولي. ويشارك فيه اعضاء في مختلف الفصائل وآخرون لا ينتمون الى اي فصيل. وظيفتنا أن نوفر لهم أخيرا مكانا ينسقون فيه سوية ويناضلون سوية على اساس الموقف السياسي المتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة غير القابلة للتصرف، ليتحولوا الى قوة مؤثرة سياسية. وهذا بحد ذاته إنجاز هام في مرحلة الاستقطاب التي منعت حتى القوى الوطنية من الالتقاء.

18. وعلى المستوى الدولي لا بد من تأطير مئات الهيئات والفعاليات التي تقوم بعمل في دول العالم تضامنا مع الشعب الفلسطيني ولا تجد طرفا فلسطينيا منظما يتفاعل معها، لأن ما كان يشكل في الماضي عنوانا ينشغل بالمفاوضات ولا يرى حاجة للتضامن الدولي، بل يحرجه هذا التضامن. لا بد من تحويل هذه القوى العديدة والمتعددة الى حركة عالمية ضد نظام الاحتلال والفصل العنصري في فلسطين. وهذا يتطلب ان تقيم الهيئة فروعا ومؤسسات لها في كافة أنحاء العالم. الصراع مع الصهيونية كحركة استعمارية ليس صراعا مع اليهود، هذا رغم أن الصهيونية تلبس لبوس حركة قومية تمثل اليهود.

إنه في الجوهر صراع ضد الاحتلال والعنصرية ونظام الفصل العنصري في فلسطين والذي يشمل ليس فقط فصل الفلسطينيين في الداخل، بل أيضا إقصاء اللاجئين، وفصلهم عن وطنهم. فالفصل العنصري الصهيوني لا يشمل الباقين على الأرض فقط، بل يشمل الطرد والتهجير كجزء من عملية ضمان حقوق وامتيازات لأغلبية مصطنعة. ومن هنا فإن قضية فلسطين هي قضية عربية. وهي أيضا ببعدها هذا قضية إنسانية يجب أن تشمل الديمقراطيين في كافة انحاء العالم، بما في ذلك الديمقراطيين اليهود والمسلمين والأميركيين والأوروبين وغيرهم.