الطائرة القاذفة المقاتلة جوهر المدنية الحديثة وآلهتها وعلامتها الفارقة. إنها نتاج اجتماع كل العلوم سوية وتحييد كل الأخلاق والقيم. إنها اجتماع آلهة الليزر والميكرو اوبتكس والميكرو الكترونكس والهاي تيك والايروديناميكس، والدقة والضبط والتحليق والتوجيه والتصويب والتدمير. وهي صناعة نظيفة دقيقة، تضاهي مصانعها ومهاجعها ومرائب صيانتها دور العبادة ارتفاعا. لا تصنع إلا في دول متطورة جدا وفي شركات صناعية ضخمة، ويجتمع في تركيبها النساء والرجال في مجتمع المساواة الحديث وبأجور مرتفعة. ولا تسلم قيادتها إلا للأفراد المتميزين، إنها نتاج الفردية المطلقة والعمل الجماعي الممأسس في آن. يجسد العاملون فيها مجتمع الانجازات، إنهم النخبة، الممتازون، المتفوقون، المختارون، العرق الآري الجديد.
وكما في آلهة المجتمع الاستهلاكي يتم تغيير طراز الآلهة كل بضعة أعوام، أخذا بعين الاعتبار العرض والطلب والتطورات والاكتشافات والحفاظ على تفوقها على آلهة الشعوب الأخرى.
تحول الطائرة القاذفة المقاتلة الفعل غير الأخلاقي إلى فعل لا أخلاقي، يحلق فيما راء الخير والشر. كما هو الحال عندما ترتكب الآلهة عملية قتل واغتيال، أو تتلذذ بذبح قرابين. لا يرى الطيار الدم ولا يرى الحربة أو الرصاصة وهي تخترق جسم ضحيتها. لا يتعفر بالتراب، ولا يتسخ بالدم، ولا يزحف. لا يرى عيون الضحية... ولا يتجاوز وصية لا تقتل، فهو لا يقتل بل يضغط على زر من بعيد. يسمع الضحايا أزيزا فقط، ولا يكاد دوي الانفجار يصل إلى مسامعهم حتى يرتج كل شيء ثم ينهار دفعة واحدة دون أن يترنح. وربما تسبق الغيبوبة الشعور بالألم.
جميع الناس عاجزون، كل الناس أطفال أمام الطائرة، لا يستطيع بالغ أن يحمي ابنه من قاذفة مقاتلة، أن يمارس أبوته. يحترق أطفال، أو يدفنون تحت الأنقاض، وتنهار أبنية بصوت تخلعٍ وتداعٍ يختلط مع انخلاع الجسم الذي لا يميز هل انهار هو أم ما حوله، وتصطدم حجارة وأخشاب بعظام الجسد بقوة، وترتطم جسور حديدية بالجمجمة... يجري كل شيء في لمح البصر. أما الفاعل في طائرته فيكون في هذه الأثناء قد رأى على شاشته بؤرة يتصاعد منها الدخان وسحابة الغبار، وبلغ قاعدته كلاما غير مفهوم عن مهمة نفذت، وبدأ حركة استدارة، نظيفا في قمرة القيادة، حضاريا ما وراء الأخلاق. يهبط، ثم ينزل من الطائرة حاملا خوذته كأنه سائق دراجة نارية، يحتسي القهوة في القاعدة ويتبادل النكات مع الطيارين والموظفات، ومع فنيي الصيانة الذين يجهزون الطائرة لطلعة موت أخرى. يعود إلى بيته مسترخيا، ويستمع في الطريق إلى الموسيقى ويتمتع برفقة الأطفال، وربما يتكلم عن السياسة بهدوء، وربما بعدم اكتراث وضجر. ربما كان يساريا، أو يمينيا، متسامحا مع المثلية الجنسية أو غير متسامح، وربما يدعي أن أفكاره سلامية حمائمية، أو صقرية حربجية...لا يوجد معيار كهذا لموافقته أن يكبس على الزر. كل هذا يصبح كلاما فارغا في ديانة الطائرة المقاتلة.
أصنام الآلهة من آخر طراز بوينغ F-15i ثندر، راعم، رعد:
طائرة حربية معبودة جديدة مزدوجة الوظيفة للهجوم والاعتراض (إسقاط)، بعيد المدى. وهي الأفضل من نوعها في ميدان الشرق الأوسط القديم ومن أدوات تحويله إلى جديد. بدأ استخدامها في كانون ثاني/يناير 1998، وتشكل رأس الحربة لسلاح الجو الإسرائيلي.
هي نسخة محسنة عن صنم F-15E (سترايك إيغل)، والتي أنتجت خصيصاً لإسرائيل من قبل العناية الحضارية في معابد" مكودونال داغلاس" الأمريكية، المسماة اليوم "بوينغ". وبفضل قدرتها الهائلة من جهة الحمولة، إلى جانب الأنظمة المتطورة، فإن ذلك يتيح لها تنفيذ هجمات في عمق العدو، وهي تحمل كميات كبيرة من الذخيرة، لمسافات بعيدة، على عمق منخفض، طوال ساعات اليوم وفي جميع الظروف الجوية.
النوع: طائرة هجومية (مقاتلة) بمقعدين مزدوجين.
المقاييس: طول الجناح 13.5 متراً، طول الطائرة 19.43 متراً، ارتفاعها 5.63 متراً.
الأداء: السرعة القصوى: 2.5 ماخ (سرعة الصوت) على ارتفاعات عالية، وعلى ارتفاعات منخفضة تصل سرعتها إلى 1482 كيلومتراً في الساعة. المدى الأقصى: 4450 كيلومتراً. وزنها بدون حمولة 14379 كيلوغراماً، مع الحمولة يصل وزنها إلى 36750 كيلوغرام.
المحرك: لها محركان " فراط أند وايتني F100-PW-229، بقوة دفع قصوى تصل إلى 29 ألف "ليبرا" لكل محرك.
التسليح: مدفع 20 ميللمتر، 6 قصبات مثبتة على الجناح. صواريخ جو-جو من نوع "بيتون3" و"بيتون 4"، "سايدويندر"، "سافارو" و"أمرام"، صواريخ جو-أرض من أنواع مختلفة، وقنابل. وتصل حمولة الطائرة القصوى إلى 11 طناً.
F-16i ستورم، سوفا، عاصفة:
طائرة حربية متعددة المهمات.
تم إنتاجها من قبل شركة "لوكهيد – مارتن"، وتحمل محرك معابد "فراط أند وايتني"، ومنظومة لاهوتية متطورة، تم تطويرها في إسرائيل بما يتلاءم مع متطلبات سلاح الجو، من قبل الصناعات الأمنية.
النوع: طائرة حربية متعددة المهمات.
إنتاج: العناية الحضارية الأميركية.
المقاييس: طول الجناح 9.45 أمتار، مع الصواريخ 10 أمتار. الطول: 14.93 متراً، الإرتفاع: 5.10 أمتار.
الأداء: تحليق في ارتفاعات عالية جدا بسرعة 2 ماخ (سرعة الصوت)، وعلى ارتفاعات منخفضة بسرعة 1440 كيلومتراً في الساعة.
الوزن: بدون حمولة 10 أطنان، الوزن الأقصى 12.8 طناً (مع الصواريخ وخزانات وقود مليئة وقذائف في المدافع). وزن الإقلاع والهبوط الأقصى هو 23.5 طناً، مع عتاد قابل للإنفصال يصل إلى 10.75 أطنان.
المحرك: F100-PW-229 من شركة ومعابد "فراط أند وايتني"، بسرعة دفع قصوى تصل إلى 29100 ليبرا، وزن المحرك 1680 كيلوغراماً، ونسب الدفع إلى الوزن تصل إلى 8:1.
الإنتاج: شركة ومعابد لوكهيد مارتن
سنة الإستخدام: 2004
التسليح: الطائرة قادرة على حمل صواريخ جو-جو حرارية من إنتاج "رفائيل" الإسرائيلية من نوع "بيتون4" و"بيتون 5"، وصواريخ جو-جو توجه بالرادار من إنتاج العناية الحضارية الأميركية من نوع "أمرام"، "فود لايتيننغ" للإستطلاع والإطباق على الأهداف، و"فود لانترين" للملاحة. قنابل من نوع "JDAM" و "SPICE" من إنتاج "رافائيل".
JDAM مختصرJoint Direct Attack Munition) ) وهي منظومة مثبتة في ذيل الطائرة، وظيفتها تحويل القنابل التي ألقيت من الجو بشكل حر إلى دقيقة وموجهة (قنابل ذكية
من الممكن إطلاق هذه القنبلة في كافة الأحوال الجوية وفي كافة مجالات الرؤية، ليلاً ونهاراً. في حين أن القنبلة الموجهة بالليزر بحاجة إلى ظروف بيئية وأحوال جوية مريحة نسبياً (بدون غيوم أو دخان).
قنابل JDAM هي من نوع "أطلق وانس"! أي أسقط القنبلة وانساها!! مما يتيح للطائرة إطلاق عدة قنابل بسرعة خاطفة، بحيث تتجه كل قنبلة بتوجيه ذاتي إلى هدف مختلف. أما قنابل الليزر، على سبيل المثال، تتطلب التأشير على الهدف بشكل متواصل. وهذا التأشير يتم من قبل قوات برية أو من قبل طائرة تحلق في الجو. قنابل JDAM ليست متعلقة بطائرة أو بقوة برية، لأنها موجهة عن طريق الأقمار الصناعية GPSسلاح الطيران الإسرائيلي هو الجيش الأجنبي الأول الذي امتلك هذه القنبلة.
أما القنبلة الأكثر تطوراً، فهي قنبلة Spice من انتاج شركة "رفائيل" الإسرائيلية. توجه هذه القنبلة بمساعدة الأقمار الصناعية وبطريقة "اليكترو- ضوئية" (أي ملاءمة صورة الهدف المخزن مع الهدف الذي يبدو من "عين" القنبلة.
تفتك هذه الآلهة بالمدنيين، الفقراء منهم بشكل خاص، ممن لم يغادروا مناطق سكناهم، كما تفتك بالجيوش النظامية، وقد أثبتت قدرة هائلة على التدمير وتخريب الممتلكات والبنى التحتية. ولكنها لا تصيب مقاتلي حرب العصابات الذين يؤمنون بإله آخر واحد، ولا يشركون فيه هذه الآلهة وأصنامها، ولا يحتمون بأبنية من صنع الإنسان، بل بالطبيعة والتضاريس وثقوب الأرض.وتفتك بالجيوش النظامية لأنها تعرف ثكناتها وقوافل دبابابتها، ولا تعرف أين يختبئ مقاتلو العصابات..
تنقسم الشعوب بين من في حوزة دولهم طائرات أف 15 وأف 16، ومن ليس في حوزتهم.
وينقسم من لديهم طائرات كهذه، بين دول تملك الطائرات ودول تملكها الطائرات.
أما العرب فينقسمون بين من لا يملكون طائرات كهذه ومن تملكهم هذه الطائرات، بنوا لها عجلا من ذهب وأشركوا بالله فيها. لا وجود في عصرنا لعرب يملكونها.
الطائرات في كل مكان. ترى ولا ترى. لا مفر من حممها، ولا مهرب من صورايخها، ولا مخبأ من قذائفها. ثابتة في السماء، ولكن صواريخها تلحق بركاب سيارة فارة، بحافلة، بسيارة إسعاف، وقذائفها تخترق الملاجئ والمخابئ وتصل إلى الأجسام الغضة. لا فرصة للحم البشري أمام الصاروخ المنطق نحوه من طائرة.
يقف الجسم عاريا أمام آلهة تجوب السماء وتتداعى أمامها الصروح الحجرية وينهار الإسمنت المسلح. المهم ألا تعرف أين يختبئ الجسم البشري الذي تبحث عنه لتقتله، أما إذا عرفت فكل ما يلزم هو أن يضغط الجسم العاري القابع في داخلها على الزر ليتبع الصاروخ رائحتها أو نفسها المكتوم كي لا يسمعها أو صوت حشرجة بكاء الأطفال المكبوت أو المخنوق حنانا بعناق ودعاء الأمهات وقبلاتهم التي تمسد شعور الأطفال في الأحضان. لا يرغبن أن تعرض جثث أطفالهن بعد الغارة، ولا أن يتغنى أحد بأشلائهم. كن يتمنين على دولهم مضادات للطائرات وملاجئ آمنة .
مرت الطائرات بنت جبيل. بصقت السنة لهب وحمما. سوت بنت جبيل بالأرض، حرثتها بصواريخ، دكتها بقذائف من سمائها. كان هنالك شيوخ وأطفال.. نسي طفل منهم اسمه من دوي الإنفجارات ومن اهتزاز كل ما كان ثابتا في مخيلته، وارتجاج الجمجمة.
تدمر الطائرات، ولكنها لا تحسم معركة ضد أصحاب حق. من اجل ذلك يضطر أتباعها للقتال على الأرض. وإذا قاتل سكان هذه الحضارة على الأرض، فإنهم يقتلون ويبكون. وينتشر بينهم معتقد غريب أن من حقهم أن يقتلوا، ولكن ليس من حق أحد أن يقتل لهم جنودا، ولا حتى في حرب. وإذا قتل لهم جندي يصابون بصدمة. بعد أن يتلق جنودها ضربة أو يجربون هزيمة مذلة من قبل مقاتلين مظلومين يهزأون من تفوقهم، ينسحبون بخبث. تقوم الطائرات بتدمير الموقع بيتا كان أم قرية على من فيه. تصرف جبان وانتقامي، ولكنه تصرف من يملك سلاح الجو. فالأخير يمكن المؤمن به أن يكون ذليلا ضعيفا على الأرض مختالا معربدا في السماء. إنهم على الأرض بشر كباقي البشر، هشون سريعو العطب كباقي البشر. أما من السماء فبحماية آلهتهم يعربدون دون أن تراهم العين المجردة، أحيانا فقط يسمع صوت مرورهم. إنهم يستغلون هشاشة من بقي على الأرض دون طائرات، من يختبئ في ثقوب الأرض. ينتقمون ليس فقط لمجرد أنهم يريدون، فالإرادة ليست امتيازا لهم، بل لأن آلهتهم هذه تمكنهم من الانتقام.
"فقال الرب ليشوع: أنظر فقد دفعت بيدك أريحا وملكها جبابرة البأس. تدورون دائرة المدينة، جميع رجال الحرب. حول المدينة مرة واحدة. هكذا تفعلون ستة أيام. وسبعة كهنة يحملون أبواق الهتاف السبعة أمام التابوت. وفي اليوم السابع تدورون دائرة المدينة سبع مرات، والكهنة يضربون بالأبواق... وجميع الشعب يهتف هتافا عظيما، فيسقط سور المدينة في مكانه... وصعد الشعب كل رجل مع وجهه، وأخذوا المدينة. وقتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ- حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف...وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها. إنما الفضة والنحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب. واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت أبيها وكل ما لها. وسكنت في وسط إسرائيل إلى هذا اليوم، لأنها خبأت المرسلين اللذين أرسلهما يشوع ليتجسسا أريحا."
سفر يشوع، الأصحاح السادس
قوتها التدميرية تشعرهم بالغرور، فيتعثرون بالحبل الذي تمده لهم. طفل، طفلان، ثلاثة...قتل امرأة.. اثنتين.. تدمير سيارة إسعاف...متى تنقلب الصورة وتتحول القوة العاتية ضد العزل إلى فضيحة؟ ثلاثون طفلاً، خمسون طفلاً... ثلاثون مع كاميرا، أكثر من خمسين دون كاميرا...ما هو بالضبط الحد الذي يطفح عنده الكيل؟ لا تنقل الكاميرات رائحة الجثث التي لم تستخرج من تحت الأنقاض.
يصعب تحديد لحظة سقوط الكأس من يدي المسؤول العربي أو الغربي وهو ينظر إلى الشاشة، ومشهد أي طفل أثر به أكثر من غيره. هل يسقط الكأس من يده، هل يغص بما يأكل، هل يتوقف عن الكلام مشدوها، هل يتوقف عما كان فيه؟ وربما لا يدري، ولا يشعر، ربما يهمس في أذنه مساعدوه أن الكيل قد طفح، وأن عليه الآن أن يطالب بوقف إطلاق النار. هل يضرب كفا بكف من هول جرائم إسرائيل أم من غباء إسرائيل التي ضيعت فرصة؟
قامت النكبة على استهداف المدنيين لتهجيرهم بعد مذابح منظمة اشتهرت منها دير ياسين، ومثلها العشرات، وتشريدهم لتحل محلهم دولة أخرى عام 1948، كما استهدفت قرى بكاملها بعد أن شكت بخروج فدائيين لعمليات منها، وهذه بموجب عقيدة عسكرية تشمل عنصرين؛ ردع المدنيين عن دعم المقاومة، أي ردعهم عن موقف سياسي او اجتماعي معين، والانتقام وتغذية روح الثأر لدى مواطنيها هي في "بعولوت نكام"، عمليات انتقامية، أسستها الوحدة 101 بقيادة شارون في بداية الخمسينيات. كانوا يدخلون يفجرون البيوت ويقتلون السكان. اشتهرت منها مذابح قبية ونحالين والبريج في الخمسينيات، ومؤخرا، جباليا وبيت حنون والشجاعية وحي القصبة في نابلس وجنين وغيرها. من اجل ذلك كان يلزم "سفاحون"، أو كما كانوا يسمونهم "مقاتلين أسطوريين" ينفذون بالأيدي. أما الطائرة فيكفيها للقيام بالمهمة شاب مدلل من أتباع دينها مصر على نمط حياة أميركي استهلاكي وتستهدف إسرائيل المدنيين في لبنان مباشرة في تجميع للتسلسل التاريخي في لحظة قانوية قانية: أولا، عقابا لمن دعم المقاومة، وثانيا لتشريد المدنيين الجنوبيين شمالا من أجل توتير العلاقات الطائفية في لبنان، وثالثا، لكي تغذي رغبة الانتقام البربرية. هذا استهداف مدروس ومقر سلفا، مقصود، عن سبق الإصرار والترصد. إسرائيل هي دولة إرهابية. وتقر منطقها هذا دولة إرهابية أخرى يقودها جورج بوش، رجل خطير ومعتوه وسادي وعنيف المزاج وحوله عصابة من منظري ودعاة إرهاب الدولة الميكافلليين الباردي الأعصاب، الذين يعتقدون أن المدنيين الذين لا تملك دولهم طائرات مقاتلة ولدوا غير محظوظين،وغير مهيئين لصراع البقاء للأصلح، فإما أن يسيروا في ركب من يملك الطائرات أو يموتون، وهم المسؤولون عن موتهم، لأنهم غير واقعيين.
خطأ واحد في هذا المنطق، يكفي وحده ليكون خطيئة لا تغتفر، ولعنة تلاحق بتوجيه ذاتي هذه الحضارة، ولائحة اتهام تحاسب سماءها: كيف يكون الأطفال غير واقعيين؟ كيف يتحملون مسؤولية موتهم؟ الأطفال أطفال، أطفال أصحاب الطائرات، وأطفال ضحاياهم نفس الأطفال.
يحرم التغني بأشلاء الأطفال، ومن العار على من لا يقاوم أن يعرض جثثهم باستعراضية. هؤلاء ليسوا مناضلين ولا مقاومين ولا أبطال. ولا ماتوا بدلا عمن لا يقاوم لتحقيق انجاز له. فقط لم يتمكنوا من الفرار او الاختباء من وجه الطائرات، إنهم ضحايا حضارة الطائرات المقاتلة المجرمة الهمجية البربرية. يجب أن يحاسب من قتلهم، وأن يقاوم عدوانه.