تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

حسناً، ماذا لدينا هنا....؟

2005-10-19

مع أنه عام كوارث طبيعية من التسونامي وحتى الزلزال، ومع أننا لا ندري بعد من سيتهم من في منطقتنا بالمسؤولية عند سماع الخبر عن أول إصابة بأنفلوانزا الطيور، ومع أن سلوك الناس في بلادنا يبدو كحالة إنتظار لكارثة أخرى لا علم للناس بطبيعتها، إلا أن السياسة ليست كارثة طبيعية.
 

لقد عمم شارون على وزرائه أن يصمتوا في كل ما يتعلق بلبنان وسوريا، "ولا نفس"!!، وأن يسيروا على رؤوس الأصابع لئلا يلتفت أحد إلى وجود إسرائيل. ورغم مقابلة زئيف فركش، رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية، الصريحة كعهد العسكريين عادة في مقابلات ملاحق الأعياد التي تحتفي بهم (معاريف 17 تشرين الاول اكتوبر 2005)، ورغم تعبيره الصريح عن رغبة إسرائيل بنتيجة معينة تمس الرئيس السوري بغض النظر عن الحقيقة التي لا يستطيع أن يجزم بشأنها على حد تعبيره، يبقى الصمت هو الخبر بغض النظر فيما إذا ساد الصمت حقيقة. فحتى لو تكلمت إسرائيل يلتزم المستمعون، عفوا المشاهدون بالخبر حول الصمت في منطقةٍ تنتظر، أو تتأكد لهم نظرية مؤامرة جديدة تؤكد عدم جدوى أي فعل خلا فعل المشاهدة.
 

والصمت المعلن هو نمط سلوك إسرائيلي متجاوب مع الأجندة الأميركية معروف منذ حرب الكويت، إذ تبلغ أمريكا إسرائيل رجاءها أن تصمت وألا ترد، وتلتزم إسرائيل بعد أن "تتفلت" قليلا صائحة "إمسكوني عنهم!!". وينم هذا النمط من السلوك عن تفاؤل بعمل الآخرين لتحقيق نفس الغايات التي تسعى إليها إسرائيل دون أن تجهد نفسها، وهم في هذه الحالة الولايات المتحدة وحلفاؤها، كما يعبر عن إدراك أن أي شيء يبدر عن إسرائيل قد يؤدي إلى إرباكه. وهو وعي ذاتي تحسد عليه إسرائيل، بمعنى أنها تعرف كم هي محبوبة في المنطقة، بحيث أن أي كلام صادر عنها قد يخرب اللعبة بتهمة أنها لعبة إسرائيلية. كما يدلل على مستوى ما من التنسيق في الأجندات، إذ أن إسرائيل تطلب عادة ثمنا لصمتها ولتحييدها. فالصمت والترفع عن رد الفعل ليس من صفاتها الحميدة. ثم أنها لا تحب حقيقة أن شركاءها يخجلون بها! 
 

لا يمكن إعتبار هذه الدزينة من الحقائق مجاملة للشعوب، أو للرأي العام، أو لقوى الممانعة ضد المخطط الأميركي، كما تسمى. فأي رأي عام هو ذاك الذي لا يستثيره إلا موقف إسرائيلي معبر عنه علناً؟ والوجه الآخر لهذا التساؤل: أي رأي عام هو ذاك الذي يستثيره أي كلام إسرائيلي؟ ولماذا لا يرى الشر في الظاهرة إلا بنسبة مشاركة إسرائيل فيها؟ والوجه الثالث: ربما لم يعد الموقف الإسرائيلي بذاته دون مركبات وعي ومواقف أخرى يستثير أحدا. وربما يتم تكرار معادلة الصمت الإسرائيلي هذه كنوع من "إحترام مشاعر العرب والمسلمين" كما في الشكليات الدينية والعادات الشكلية، وهي مقولة عنصرية منتشرة. ويبرز "إحترام المشاعر" مقابل "إستثارة المشاعر" التي يستغلها المتطرفون بحجة الموقف الإسرائيلي. والصمت الإسرائيلي غير صامت فعلاً، ففي إسرائيل صحافة متنافسة تستنطق الحجر لتملأ مئات صفحاتها اليومية بأي كلام وأية ثرثرة.
 

وتتقدم الأجندات حتى من خلال تأجيل حسم معركة دون أن يغيب عن الأذهان ضرورة إحراز فوز بالنقاط في الجولات الجارية لإستنزاف الخصم أو خداعه بالأوهام. فلا غرابة ولا سر أن إسرائيل تعتبر التسلح النووي الإيراني الممكن خطراً حقيقياً. وتعتبر مع تطور الأجندة الأميركية بخصوص سوريا الفرصة التاريخية مواتية لتركيع سوريا في قضايا إستراتيجية ولـ"تفهم وتستوعب ما يفهمه الآخرون في المنطقة". ورايس لا ترى حتى حاجة لتطوير الطاقة النووية لأغراض مدنية في إيران (!!) فلديها ما يكفي من النفط. ويجهد مسؤولون في البنتاغون ذاتهم لإقناع نيوزويك (4 تشرين الاول أكتوبر) أن قيام الجنرالات والأدميرالات بحتلنة الخطط العسكرية لمهاجمة سوريا وإيران هو أمر روتيني. والجميع يعرف أن ضرب إيران وسوريا يتطلب ضرب حزب الله في الطريق، وهذا بحد ذاته يريح إسرائيل أيضاً...وهكذا.
 

الخبراء والمسؤولون الإمبراطوريون يؤكدون أن أميركا لا تستطيع أن تتورط في حرب جديدة، أو مغامرة عسكرية جديدة تضاف إلى ورطتها الدموية الحقيقية في العراق، ولذلك يتم الضغط بوسائل أخرى. ولأنه يتم بوسائل أخرى فهي ترحب بمنحها ذرائع لا علاقة لها بأهدافها الأصلية، وباللقاء مع أجندات محلية في الصراع مع سوريا وإيران نشأت لأسباب وخلفيات أخرى. ولكنها أميركا، وهي قادرة أن تفرض أجندتها على أجندات المتحالفين معها لأسبابهم. ويؤكد بعضهم مواقف وتحليلات تتناقض مع سلوكه وتصريحاته، لسبب بسيط، أنه لا يحدد الأجندة، ولا حتى أجندته هو. والعواقب كارثية بغض النظر عن النيات. فالبلاد أصغر من الأجندات المطلوبة منها، والقوى أصغر من المهام المنوطة بها برغبتها أو بدون رغبتها.
 

وربما لتسهيل أمر تنسيق الأجندات مع أميركا تريد بعض الأنظمة العربية أن يصدق رأيها العام ما تقوله عن خطة شارون في فك الارتباط وكأنه جزء من خارطة الطريق. ولا بد أنها تستعين لكي تصدق بمن يعومون على شبر ماء من كتبة اليسار الصهيوني العاجز، "الباحث عن الدبس حتى في مؤخرة النمس". فليس لدى هؤلاء بعد فشل كامب ديفيد من مشروع سوى شارون. كما أعانتهم أوروبا على الإعتقاد أن شارون قد تغير لأنها أيضا عاجزة، والأصح متعاجزة، عن تقديم بديل ما للسياسة الأمريكية، ولأنها غير قادرة ولا راغبة، من موقع الخانة التي موضعت نفسها فيها، بالضغط على شارون فإنها تفضل تجميل صورته، والضغط على نفسها لتتقبله، وتدعو العرب لقبول ما يعرضه شارون صاغرين. وإذا لم يكن انجازا تصوروه انجازا!! ولكي تشاركوه الفراش أغمضوا عيونكم وفكروا بأميركا!!
 

قلنا أن شارون لم يغير جوهر طروحاته منذ نهاية الثمانينيات، أي منذ بروز الخيار الفلسطيني بدل الأردني في الإنتفاضة الأولى، وفك الإرتباط الأردني مع الضفة، وحللنا بما فيه الكفاية إستراتيجية شارون التي أدت إلى فك الارتباط، وقد تبين من رد الفعل الدولي ومن تكثيف النشاط الإستيطاني في الضفة الغربية علناً وصراحة، ومن ازدياد الضغط على الفلسطينيين أن شارون يقطف ثمار هذه الإستراتيجية. لم ندع أن شارون لم يتغير تشاؤماً أو جموداً، بل لان الأمر يتطلب قراءة مواقفه والتمييز بين الدعاية الإنتخابية والمواقف الحقيقية والتغيرات التي طرأت على الموقف العربي من ناحية أخرى.
 

ولكن ماذا بشأن إستراتيجيته هو في المرحلة المقبلة؟ لقد بانت "بشائرها" من رفضه مقابلة الرئيس الفلسطيني، فهل أصبح حتى لقاء شارون مطلباً؟
 

إذا كانت إستراتيجية العرب هي الدبلوماسية الأمريكية فقط، فلا غرابة أن يفضل شارون التفاوض مع أميركا مباشرة دون العرب، وهذا ما فعله في خطة فك الإرتباط متباهياً. عند ذلك يصبح اللقاء مع العرب مجرد تطبيع تريده إسرائيل من ناحية، ولكنها غير مستعدة للتضحية من أجله بشيء من ناحية أخرى.كما يغدو اللقاء تتميم معاملة للقادة أمام شعوبهم بأن لهم دوراً. وشارون يستغل حاجتهم لإثبات ذلك لتقديم طلبات إبتزازية وللتعامل بغرور وتبجح!
 

تتلخص إستراتيجية شارون في المرحلة المقبلة بما يلي: 
 

أولاً، توسيع وتثبيت التيار المركزي في الشارع الإسرائيلي الذي يتجاوز حدود الأحزاب والذي يؤيد فكرة الانفصال الديموغرافي مع الفلسطينيين بموجب القاعدة التالية: الانفصال عن أكبر عدد من الفلسطينيين على أصغر رقعة من الأرض. وإذا احتفل الفلسطينيون حتى بأقل من ذلك أو انصاعوا لإملاءات شارون فلا بأس، لأن هذه قوى لا تبحث عن عدالة ولا إنصاف بل عن إنفصال عن الفلسطينيين بالظروف الواقعية المعطاة. 
 

ثانياً، توسيع التعاون مع الولايات المتحدة آخذاً بعين الإعتبار مهماتها الجديدة في المنطقة منذ احتلال العراق. وهذا يعني إضطرار إسرائيل أن تساير أكثر، ولكنها تساير أميركا أخرى، أميركا أكثر اتفاقاً معها في المسائل الجوهرية، ولذلك فهي تساير تكتيكيا من أجل مكاسب إستراتيجية من نوع رسالة الضمانات الأميركية لشارون. 
 

ثالثاً، إشغال الفلسطينيين في المفاوضات حول قضايا من نوع المعابر والحدود في غزة ومرور البشر والبضائع من غزة واليها، ومن نوع الميناء والمطار. حتى ما كان مفروغا منه قبل فك الإرتباط لم يعد مفروغاً منه. من أجل مثل هذه القضايا سوف يزور المنطقة الوفود والموفدون، وسوف يطالب شارون بالإجتماع وعلى هذا سوف يتم التفاوض. لم ننته من أمر غزة بعد إذاً، ولا حتى تفاوضياً. 
 

رابعاً، في هذه الأثناء تبتعد المفاوضات السياسية حول الحل الدائم. وتصبح مشروطة بتنفيذ الفلسطينيين لإلتزاماتهم من خارطة الطريق أي الإنقضاض على ما يسمى في نصها بـ "البنية التحتية للإرهاب". والمقصود هو ضرب خيار الكفاح المسلح. ويعرف شارون أن المنتصر في حرب أهلية فلسطينية هي إسرائيل، وذلك ليس فقط نتيجة للفوضى وإضعاف الحركة الوطنية الفلسطينية، بل لأن أي طرف ينتصر سوف يصبح في اليوم التالي أكثر إرتباطاً بإسرائيل وأقل قدرة على فرض شروطه. 

خامساً، يتم إستثمار فك الإرتباط لضغط دولي وعربي على الفلسطينيين في هذا الإتجاه. 
 

سادساً، في هذه الأثناء تشارك إسرائيل بشكل فعال سراً وصامت علناً في محاولة الجمع بين فرض الحصار السياسي الدولي على سوريا مع فرضه على المقاومة في لبنان. 
 

تستحق هذه الخطة أن تسمى إستراتيجية طبعاً، خاصة إذا رافقها تكثيف الإستيطان على الأرض، وزيادة إستخدام القوة العسكرية، وسعي عربي لإرضاء شارون إرضاءً لأميركا. ولكنها ليس مضمونة النجاح لو قابلتها إستراتيجية فلسطينية متفق عليها.
 

وتتم مسايرة قدرات الحلفاء وظروفهم، ولكن الأجندات مفروضة ومحددة ولم تتغير بخصوص نزع سلاح المقاومة في لبنان مثلاً. وإذا أمكن الآن تجميع أكبر عدد من القوى على نزع السلاح الفلسطيني، والظرف في السلطة الفلسطينية مواتٍ، فلم لا. ومنها ربما تقود الطريق إلى إقامة سفارات للبنان وفلسطين، ومن السفارات إلى جوازات سفر للفلسطينيين ليتحولوا من لاجئين إلى مغتربين، أي رعايا سفارة. وبغض النظر عن التبريرات وصحتها والموقف منها، المهم أن هذا يدفع بتنفيذ الأجندة خطوة إلى الأمام، ويعمق المزاج المطلوب والأجواء التي يراد خلقها. ولذلك يتم التأكيد عليه، فهو ينسجم على كل حال مع مخطط آخر في فلسطين لمقايضة مشروع الدولة بكل شيء. وهذا تنفيذ فعلي للمشروع. ويجد لارسن علاقة بين مهمته في لبنان ومهمة أخرى غير منتهية له هناك وحسرات قديمة من أيام تعثر اتفاقيات أوسلو وتحميل المسؤولية لياسر عرفات.
 

هنالك إذاً هدف للمهمة له علاقة بإنهاء تدريحي لمسألة اللاجئين. أما هدف لارسن اللبناني من مهمته في لبنان فهو حزب الله. وهو يتحدث فجأة بلغة إنهاء مشكلة حزب الله بالحوار، مع أنها ليست لغته، لأنه يتم تنسيق الأجندات. ولكن المهمة الكبرى لم تتغير.
 

أما الشعوب فتتم إستثارتها بلغة: "ضد" أو "مع". وليس المقصود ضد ماذا ومع ماذا، بل ضد من ومع من؟ ولا تتم مناقشة مسألة ما وراء ذلك. أي إلى أين يذهب البلد، أي بلد، وماذا سيحصل له إذا خضع أو أخضع لأجندات الدول العظمى؟ يتم تغييب الرأي العام لتصبح علاقته بما سوف يجري علاقة بكارثة طبيعية يتم إنتظارها أو منحة ربانية من السماء طال انتظارها، حسب زاوية النظر.
 

وإذا مر الدستور العراقي المقترح فلن يبقى للأميركيين محطة ديمقراطية يشيرون إليها ويأمِّلون الناس بها في المنطقة، إلا 15 ديسمبر كانون الأول المقبل، وهو موعد الإنتخابات البرلمانية. وبعدها سيضطرون إلى شرح لماذا لا ينتظم تزويد الكهرباء في العراق، ولماذا لا ينتج البلد ما يكفي سياراته هو من الوقود، ولماذا تستمر المقاومة لوجودهم، ولماذا لم تحل الديمقراطية "مسألة الإرهاب"؟ ومنذ أن كتبنا مؤخراً في نفس هذا الموقع حول بداية طرح هذا الموضوع في الصحافة الأميركية المركزية إنتشر بشكل واسع جداً النقاش في الولايات المتحدة حول مسألة تصدير الديمقراطية هذه، ( أنظر مؤخراً تحليل ديفيد سنجر الإخباري في نيويورك تايمز 17 تشرين الأول أكتوبر 2005) وتغيرت لهجة بوش تجاه الإرهاب إلى درجة أنه بات يتعامل مع الإرهاب في خطاباته كقوة بحجم المعسكر الذي وازى قوة أمريكا إبان الحرب الباردة. ومع أن هذا التشبيه ينم عن اعتراف بفشل الجهود المبذولة ضد هذا الخصم وبازدياد قوته منذ شنت عليه الحرب في أعقاب سبتمبر 2001 ، فمن الواضح أن هذا التوجه لا يبشر بالخير من ناحية البدائل التي تطرحها أميركا أمام شعوب المنطقة. كما أنه لا يدل على توازن أو عقلانية في تقييم حجم وقوة هذا الخصم. ولكن الرئيس الأميركي يهيئ رأيه العام لقبول التحدي الذي طرحه الظواهري والذي إقتبسه الرئيس الأميركي بالإسم أن أميركا لن تهرب وأنها لن تفعل ما فعلته في فيتنام ولبنان والصومال. جميل أن نتكهن ماذا كانت ستفعل في فيتنام لو بقيت حتى الآن، أو هل كان لبنان سيبدو في حينه كما تبدو العراق حالياً لو بقي الأميركيون؟ مضاربات سخيفة جداً، ولكنها قد تكون مفيدة للتعرف على العقل الأميركي الحاكم حالياً. فقد وجد رئيس أميركا نفسه مضطراً لإستخدام تعبير للظواهري لكي يحرض رأيه العام ويستثيره.
 

والشعوب وما يحل بها مجرد ظاهرة مرافقة لما تبيته أميركا لهذه المنطقة. إذ ليس لديها ما تقوله للشعوب حول ما ينتظرها في مرحلة "الفوضى البناءة"!
 

وللتشبيه نقول أن الصحافة الأميركية انفعلت هذا الأسبوع (أنظر واشنطن بوست 16 أكتوبر تشرين الأول) وعبرت عن إنفعالها أن من يقوم بأعمال إغاثة حقيقية في مناطق الهملايا النائية من الأجزاء المنكوبة في باكستان هي تنظيمات إسلامية منظمة، بما فيها تنظيمات صنفتها الباكستان نفسها كإرهابية، وتشعبات جمعيات خيرية عنها. حتى أثناء الكارثة الطبيعية تكتشف أميركا من جديد ضعف الدولة المتحالفة معها ودور الحركات الإسلامية في مواجهتها والشعب يقبع بينهما منكوباً من كارثة طبيعية. هذه هي الصورة التي تتجلي دون أن ينجلي الليل. وهي لن تزول مع كابوسها إذا لم تدرك القوى الحية في المجتمعات والدول العربية أن الكارثة الطبيعية الحقيقية هي تحييدها لذاتها ولإرادتها، فهي ليست أقلية بين قوتين عظميين كما يدعي بوش، بل هي قوى الأكثرية المحيدة. وسيكون على من لديهم مشاريع أن يحولوا الأغلبية المحيدة إلى قوى تقتحم ساحة العمل السياسي بتصور ومشروع، وان تتقاطع تصوراتها وتجمع أجنداتها كما تجتمع أجندات الآخرين التي تنتظر تطبيقها كأنها كارثة طبيعية. لم تشاور الشعوب العربية ولا قواها الحية قبل تنفيذ جريمة 11 ايلول وغيرها في إسبانيا وأندونيسيا، أو قبل اغتيال الحريري وغيره من صحافيين وكتاب لبنانيين، وهي لم تشاور قبل احتلال العراق ولا فيما يعد حالياً من مخططات أميركية لسوريا ولبنان وفلسطين.