الصحفي: ما هو تأثير ما جرى اليوم من سقوط جنود إسرائيليين على خططكم؟
الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي: أنت ترى هذه المذبحة بمقتل 12 إسرائيلي...وسوف..
الصحفي: تقول أنها مذبحة، ولكنهم جنود، وهذه حرب..
الناطق: لا، بل هي مذبحة، لأن من أطلق القذائف استهدف مواطنين إسرائيليين، وبالصدفة قتل جنود.
الصحفي: ولكنكم أيضا نفذتم مذابح في قانا وغيرها.
الناطق: لا، في قانا لم تحصل مذبحة. كان مقاتلو حزب الله هم المقصودون بالقصف، ولكن أصيب مدنيون بالصدفة.
هذا الكلام العبثي الكفيل بإقناع صحفي أن يترك الصحافة، ودفع مشاهد أن يعاف المشاهدة، ودفع محاور أن يفقد الإيمان بالحوار، ودفع مواطن أن يفقد الاهتمام بالسياسة، ليس مقتبسا عن أليس في بلاد العجائب، بل مأخوذاً حرفيا من الذاكرة من حوار أجرته فضائية عربية مع ناطق شاب بلسان "جيش الدفاع الإسرائيلي"، أو هكذا يسمى، بعد مقتل 12 جنديا إسرائيليا في قصف صاروخي من حزب الله على تجمع جنود احتياط على الحدود مع لبنان في بلاد "الحرب على الإرهاب".
يسمى مقتل الجنود مذبحة، في حين لا يستحق مقتل عائلات بأكملها يوميا بقصف الطائرات الموجه لبيوتهم السكنية مثل هذه التسمية. فهذا بأقصى تقدير خطأ مؤسف، أو باللغة المهنية/الفنية لـ"علم الحرب على الإرهاب": "ضرر مرافق"، أو "ضرر جانبي" collateral damage. وقد كتب الكثير عن هذا المصطلح الذي يخفي أكثر مما يكشف. ووظيفته مثل وظيفة المصطلحات الفنية أن يجعل فهم ما يدور متعذرا عسيرا على الناس العاديين ومسألة اختصاص مبهم في علم موهوم. والمقصود به في الواقع هو الضحايا من المدنيين الذين تقتلهم حضارة الطائرات المقاتلة في خضم الحرب على "الإرهاب"، أي في خضم الحرب التي تشن ضد أولئك الذين "يستهدفون المدنيين". ويتألف "الضرر المرافق" عادة من أعداد من البشر المدنيين القتلى والجرحى والمعوقين والمشوهين تفوق بأضعاف مضاعفة عدد المدنيين الذين سقطوا ضحية "الإرهاب" نفسه.
وكما في حالة تقسيم الشعوب بين من تملك دولها قاذفات مقاتلة وبين من لا يملكون، كذلك ينقسم الضحايا بين؛ ضحايا أفراد للإرهاب، وجثث بالجملة وأعضاء مبتورة وبيوت مدمرة، وأرقام قتلى هي ظواهر مرافقة ل"الحرب ضد الإرهاب".
ولذلك فبينما يعرف الناس عادة أسماء "ضحايا الإرهاب" أو يعرفون وجوههم وقصصهم، أو على الأقل روايتهم، لوحتهم التي تميز ألوانها بوضوح قوى الشر وقوى الخير، تشحب صورة ضحايا "الحرب على الإرهاب" وتبدو مثل ضرر جانبي فعلا يشعر به الضحايا وذووهم ومن يناصرهم، لا هم ينتمون الى معسكر الخير ولا قتلهم شر، وغالبا ما "تتحمل قيادتهم مسؤولية موتهم"، أو يتحمله انتماؤهم القومي أو الإثني أو المذهبي الخطأ، أو عنادهم. وإذا انتشلهم عمال ومتطوعون يلبسون كمامات بعد أيام من تحت الردم في لبنان وغيرها كأنهم ضحايا وباء لا تسمح الحرب واستمرار القصف وبث "الخبر العاجل" على الشريط الإخباري عن جثث جديدة تحت أنقاض جديدة، لا يسمح هذا كله بتنظيم جنازات لائقة بهم.
الحوار أعلاه مشهد واحد فقط من مشاهد عبثية كثيرة، من ضمنها صورة لبنانيين جنوبيين يلجأون إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بلادهم للاحتماء من الغارات، وصرير أسنان المجرم ورغبته بالانتقام كأنه الضحية، وكأن الكيل قد طفح وفاق قدرته على التحمل، والسيرك الحربي الذي يصر أن يسمى برلمانا، وهذه القبيلة التي ترقص رقصة الحرب حول التلفاز والتي تسمى ديمقراطية، والطابور الذي يسير في الاستوديو على إيقاع الأوركسترا العسكرية التي تقرع طبول الحرب وتنفخ في الأبواق والتي تسمى إعلاما ديمقراطيا.
من عبثية "الحرب ضد الإرهاب" بشكل عام أن تقتل من المدنيين أضعاف ما يقتله "الإرهاب". ولكن هؤلاء ينتمون عادة إلى الأعراق، وحاليا تسمى "الثقافات"، التي تعيش على درجة منخفضة على سلم الثقافات الحالي. إنهم ينتمون إلى "ثقافة" ضحايا الضرر المرافق للحرب على الإرهاب، وليس إلى "ثقافة" ضحايا الإرهاب.
ومؤخرا دافعت هذه "الثقافات" عن نفسها فواجهت هذا المصطلح بمصطلح "إرهاب الدولة". ويفترض أن يصلح هذه المصطلح لهجوم مضاد على ما يسمى "الحرب على الإرهاب" وظواهره المرافقة. ولكن الواقع وموازين القوى فيه تصده، تصفعه، وتسخر منه. وتحوله إلى استعارة، ميتافورا لحرب ثقافية في أفضل الحالات. فزعماء الدول الإرهابية لا يعيشون في الخفاء، ولا تطاردهم الطائرات لتقتلهم، ولا يرسلون خطبهم على أشرطة مسجلة، كما ينبغي أن يفعل الإرهابيون، ولا يحرج أحد من الاجتماع بهم. يبدو مصطلح "الإرهاب" سلاحا منحازاً بيد "ثقافة" ضد أخرى، وبيد القوي ضد الضعيف.
والإشكال الإسرائيلي أن حزب الله لم يستهدف المدنيين في حربه الطويلة مع إسرائيل إلا كنوع من المعاملة بالمثل مؤخرا، بل لا تقترب حتى من أن تكون بالمثل. وطيلة مقاومته للاحتلال في لبنان حتى عام 2000 وفي سبعة عشر عاما من النضال لم يقتل عشرين مدنياً إسرائيلياً، بينما قتلت إسرائيل الآلاف من اللبنانيين. وحتى في هذه الحرب الأخيرة تتجاوز نسبة الجنود بين القتلى الإسرائيليين الستين بالمائة، بينما لا يتجاوز عدد مقاتلي حزب الله الذي سقطوا في هذه الحرب عشرة بالمائة الى عشرين بالمائة تضاف إلى الألف مدني لبناني الذين قتلوا، ناهيك عن مليون مدني مشرد، لن يجد قسم كبير منهم قرى وبلدات يعود إليها، بعد حفلة الدمار الإسرائيلية. إرهاب الدولة في حالة إسرائيل ليس ظاهرة مرافقة، بل هو عنف موجه مقصود. ولم تكن إسرائيل لتقم أصلا لو لم تنفذه ضد المجتمع الفلسطيني بتهجيره عام 1948 بعد مذابح منظمة.
حشرت المذابح في مرحلة التأسيس، في مرحلة طفولة إسرائيل، كأنها ماض سحيق من الرغبات والغرائز الدفينة المحشورة في عقلها اللاواعي، أو لاوعيها المنكر والمكبوت. ثم تحول قتل المدنيين إلى عقيدة عسكرية في الخمسينيات مع إقامة الوحدة 101 بقيادة شارون لتنظيم عمليات انتقامية ضد المدنيين، وللدقة، القرويين الذين تخرج من قراهم عمليات فدائية. لقد أصبح استهداف المدنيين، أو سمهم إن شئت القرويين العرب، عقيدة عسكرية تنتقل في الجيش الإسرائيلي من جيل إلى جيل. أما أخلاقيات الجيش الإسرائيلي المشهورة والمتباهى بها فقد تمخضت عن الصراع مع مجتمع وليس مع جيش، وهي تتسامح مع قتل العربي، وتبيح الكذب بهذا الشأن.
وإذا استمع مراقب إلى السياسيين والعسكريين الإسرائيليين في خضم هذه الحرب خارج المؤتمرات الصحفية والبيانات الرسمية فلن يفوته كلام صريح ويومي حول ضرورة تدمير كل قرية تخرج منها صواريخ، وضرب الكهرباء، واستهداف المنشآت، وإعادة لبنان إلى عصر الظلمات، وإعادة لبنان عشرين عاما إلى الخلف، وغيرها من التعابير التي تفصح عن توجه إلى العرب كثقافة دنيا، كأنهم مجرد ظاهرة مرافقة.
ولكن التعامل بين الأمرين مختلف إلى درجة أن الحديث يبدو وكأنه يدور حول ثقافتين، حضارتين، عالمين. وإذا تم التسليم بأن العالم منقسم إلى ثقافات وان هذا التوزيع هو ما يقسم العالم بين صديق وعدو، أي أنه صراع بين ثقافات، فلا مجال للحديث عن "ازدواجية المعايير" أو "الكيل بمكيالين" كأمر مستهجن وغير طبيعي، وتصبح ازدواجية المعايير بين الصديق والعدو هي الأمر الطبيعي وليس مدعاة للاحتجاج.
كتب مستشار رابين الإعلامي السابق العنصري إيتان هابر، وهو الناطق الرسمي الأبدي باسم أوجاع معدة رابين عندما صافح عرفات، مقالا يوم 7 آب/أغسطس في "يديعوت أحرونوت" بسط فيه صراع الثقافات من مقولة نظرية، أو نموذج نظري لفهم ما يدور في عالمنا على الطريقة الأميركية، إلى حرب حقيقية عينية، وبلغ فيه جنون العظمة أن يدعي أن الصراع الحالي بين إسرائيل وحزب الله هو صراع الحضارات بذاته: "هو حرب حقيقية، ليس عملية عسكرية ولا عملية عسكرية واسعة، بل هو حرب بكل معنى الكلمة، حرب بين ثقافات، وأي فشل فيها سوف يوقظ أشباح من مرابضها في كل العالم الإسلامي الأصولي وستكشف أنيابا مفترسة تجاه الغرب وتجاه الدول العربية المعتدلة."
ويبدو صراع الثقافات مثل نبوءة تحقق ذاتها في نص مشروع القرار الفرنسي الأميركي لمجلس الأمن بغض النظر عن الموقف السياسي من مضمونه. فهو كنص أدبي يحكي حكاية إسرائيل. وينطلق من أن إسرائيل هي المهددة بصواريخ حزب الله، ولذلك على الأخير أن يوقف قصف المدن الإسرائيلية لكي توقف إسرائيل قصفها. وكما هو معروف تعتبر إسرائيل مجرد وجود صورايخ تهدد مدنها ولو للردع هجوما عليها يستحق الرد.
الأمر الطبيعي أن تهدد إسرائيل لبنان وألا يهددها، ولا حتى بهدف الردع. أما مسألة الدمار الكلي والشامل لنصف لبنان والجزئي لنصفه الآخر فـ"مسألة فيها نظر". وهو يسلم بأن الصراع قد انطلق من قضية الجنديين الإسرائيليين الأسيرين، ويسلم بحق إسرائيل أن تحولهما علنا على الأقل إلى سبب للحرب causus belli ، ولذلك فإن وقف الحرب يبدأ بإطلاق سراحهما دون شروط. إلى هذه الدرجة "يقلل القرار عقله"، إلى درجة التظاهر بتصديق حجة إسرائيل للحرب، واعتماد هذه الحجة رسميا، ألا وهي إنقاذ جنديين وقتل الآلاف وتشريد مليون من أجل ذلك. مما يؤكد مرة أخرى، بل ينتج ويصنع تفوق ثقافة على أخرى ك"ظاهرة مرافقة" لنص القرار. ويصل القرار إلى غايته بتطبيق نزع سلاح حزب الله، وهو مطلب إسرائيل الأصلي. ولذلك فإن بداية القرار ونهايته، منطلقه وغايته، إسرائيليان، أي أن ممثلي الدول التي نصته ينطلقون مع إسرائيل من نفس المفاهيم. هذا المشترك "الثقافي" الذي يجمعهم بإسرائيل يرى من واجبه أن يعوضها عن إخفاقاتها العسكرية، وأن يمنع ترجمة انجازات المقاومة على الأرض إلى إنجازات سياسية.
يفترض هنا أن نتوقف قليلا عند ما يثير إعجاب الشعوب العربية بالمقاومة في لبنان فيعتبرونه إنجازا، ويحبطون من عدم ترجمته إلى إنجاز سياسي ويشعرون أن حلفاء إسرائيل في مجلس الأمن وغيره يعيقون ذلك.
ما يثير إعجاب العرب في حزب الله هو عكس ما يفترض في الغرب وفي إسرائيل أنه يثير إعجابهم. فهم منجذبون إلى النموذج الذي يقدمه حاليا حزب الله بالضبط للأسباب التي تميزه عن الأنظمة العربية من جهة، وتنظيمات مثل القاعدة من جهة أخرى. فهو غير فاسد ولا عاجز كالأنظمة، ولكنه لا يستهدف المدنيين بجبن بل يواجه الجيش الإسرائيلي ببسالة، ولأنه يرفض تعامل الأنظمة العربية مع مواطنيها كأنهم عديمو القيمة إذا قتلتهم إسرائيل أو خطفتهم، بل هو ينتقم لهم أو يطالب بهم، وهو إذ يتعامل مع إسرائيل بندية ولا يعتبر دماء مدنييه أقل قيمة من المواطنين الإسرائيليين يستعيد كرامة للعرب ليس فقط أمام إسرائيل بل أمام أنظمتهم. العرب معجبون بحزب الله ليس كـ"أداة بيد إيران"، بل هو في نظرهم مؤلف من مقاتلين عرب مسلمين يعيد لهم الثقة بهويتهم. هؤلاء عرب يستطيعون قتال إسرائيل، إذاً يستطيع غيرهم من العرب أن يفعل ذلك إذا تحرر من أسباب التخلف وتسلح بالإرادة.
يعجب العرب بحزب الله للأسباب نفسها التي تجعل أميركيا أو أوروبيا يعجب بحزب سياسي، أو بقوة سياسية تقوده في نضال ضد عدو أجنبي: الجرأة والشجاعة، وفي نفس الوقت المأسسة والتنظيم ، والمثابرة ، التواضع في الكلام والإكثار من الفعل، توفر قواعد اجتماعية، ومساعدة وإغاثة المحتاجين باستكمال المشروع السياسي بمشاريع اجتماعية وغيرها.
العرب معجبون بحزب الله لأنه لا يكثر من الشعارات دون غطاء، ولأنه ليس فاسدا ولأن عملية انتخاب قياداته لا علاقة لها بالحسب والنسب والتراتبية الاجتماعية التقليدية...لقد اعتقد الساسة الغربيون والإسرائيليون ومن يشاركهم من العرب الخوف من ظاهرة الحزب إلى درجة تقديم النصح والمشورة في كيفية محاربته، أن المذهبية هي أساسه، وراهنوا على الفارق المذهبي بينه وبين بقية العرب. وسرعان ما تبين خطأ ما ذهبوا إليه.
فمذهبية الحزب من أسباب قوته وضعفه في آن. وهي على كل حال لم تحل بينه وبين هذه الشعبية التي يحظى بها عربيا.
ومع ذلك يصرون على اعتبار سر الإعجاب بحزب الله أمرا ما شرقياً غير عقلاني، ثقافة ما غريبة ظلامية، استشهادية مثلا. وسوف يحاولون إحباط حق حزب الله أن ينجز بالمثابرة والعمل والتسامح مع المختلف في مجتمعه والإصرار على التعامل مع إسرائيل بجدية وبندية العدو، سوف يصرون على صراع الثقافات حتى تحقق نبوءتهم الكاذبة ذاتها. أي حتى يدرك العربي المعجب بنموذج المقاومة أنهم يعادونه لأنه مختلف، ولأنه من ثقافة مخالفة فيتعصب له على هذا الأساس، ويزداد عداؤه للغرب على هذا الأساس أيضا.
إن منع حزب الله من تحقيق إنجاز سياسي يستحقه بالمقاييس الغربية، أي بحساب سياسات القوة، يعني أن قوة إسرائيل هي قوة المعسكر العالمي الذي تنتمي إليه. وهذا يعني فرز وتأكيد انتماء ضحايا السياسة الإسرائيلية إلى معسكر مضاد يشمل كافة ضحايا الحضارة الغربية.
ولا يسهل حزب الله المهمة على أحد من المثقفين العرب الذين يصرون على عدم التمييز بين الفاعل والضحية، وعلى مناجاة بيروت وتجاهل المهجرين في حدائقها ومدارسها، الذي يصرون على مراسلتها ضد العنف من الطرفين، والذين لا يلاحظون تجاهلهم بنت جبيل والدوير والغزية وصريفا ومروحين وعيتا الشعب وأنصار وصور والضاحية والشياح والبقاع. ولا يسهل حزب الله المهمة على المعتاشين من صناعة "الحوار مع الغرب" ممن يريدون التنازل عن عناصر قوته لصالح نقاط قد تسوقه أو تستجدي بعض الرضا في الغرب لو قبل بها من نوع رغبته ب"التعايش مع إسرائيل" والاستماتة في إثبات ذلك.
فحزب الله لا يبحث عن سلام مع إسرائيل، ولا يهمه أن تعترف به لأنه "متنور" و"معتدل" بموجب علامة تمنحها له، وهو لا يعترف بها أصلا. ويرى تنويره كما ترى هي تنويرها في بناء عناصر العقلانية والقوة في تنظيمه. وهو يقف ايديولوجيا وأخلاقيا وفي نشأته على ارض الحكاية الفلسطينية التاريخية التي قصها لاجئو فلسطين لفلاحي وشعراء وزجالي وعلماء جبل عامل منذ عام النكبة التي جمعت فقراء الجنوب بجيرانهم من اللاجئين الفلسطينيين من الجليل بميثولوجيا ولاهوت الضحايا والمضطهدين في تاريخ الحضارة الإسلامية. ولذلك فإنه لا يصلح مادة لصناعة "التعايش والحوارات". إنه أعمق من ذلك. إنه يكتب لاهوتا وفقها للمعذبين في الأرض العربية. ولا يستطيع مثقف انتهازي أن يعتاش من الدفاع عنه في الغرب.
ولا يفسح حزب الله هامشا لخطاب تسويق الأصالة كبضاعة تبادلية في الحوار كما جرى مع م. ت. ف وغيرها. فهو يعيش على النضال بندية وليس على التعويض عن غيابها بندية مصطنعة على طاولة الحوار. وهو لا يعتاش من بيع صورته كتذكار "سوفنير"، ولا من إثارة إعجاب الآخرين ولا من إثارة نفورهم، تماما كما كانت تتصرف حركة وطنية واسعة في أي مكان، وتماما كما لا يتوقع العنصري أن يتصرف الشرقي أو المسلم أو العربي.