هذه الدراسة تنتمي إلى ميدان الفكر السياسي الذي يهدف إلى صوغ نظرية نقديَّة تتصدّى لتعريف مصطلح الثّورة تعريفًا علميًّا معاصرًا، وتأصيله في الفكر العربي. ولهذه الغاية عاد الكاتب إلى كلمة "ثورة" كما وردت في المصادر التاريخية العربية، فلاحظ أنّ العرب لم يستخدموا كلمة "ثورة" بالمعنى الذي تحمله هذه الكلمة في عصرنا الرّاهن، بل استخدموا كلمات من قبيل "خروج" و"فتنة"، فكان يُقال "خروج القرامطة" أو "فتنة الزّنج". ويلفت الكاتب إلى أنّ الخروج على الجماعة أمر مذموم، أمّا الخروج على السّلطان ففيه آراء. والخروج يعني الخروج لطلب الحقّ. وفي هذا الحقل من الفكر التاريخيّ - السياسيّ يعرض الكاتب لآراء ابن خلدون والماوردي وابن تيمية وأبو مجاهد البصري وغيرهم.
يقدّم الكاتب هنا بحثًا معمّقًا في القضايا التي شغلت جانبًا مهمًّا من الفكر العربي، قديمه وحديثه، مثل الخروج والتغلب ومصدر الشرعية، وأثارت نقاشًا في تمثّلات هذه المفاهيم في العصر الحديث. وفي هذا السياق يضع تخومًا مرسومة بدقة بين مصطلحي "الثورة" و"الإصلاح"، ويحاول اكتشاف ما هو مشترك بينهما وما هو مفترق بحسب ما كشفت عنه التجربة الأوروبية في الإصلاح والثورة، ولا سيَّما في الثورتين الفرنسية والروسية، لينتقل إلى معالجة قضيَّتي الحرية والثورة بالتحديد، وكيف تطور معنى الحرية من نقيض الرق أو العبودية إلى أن استقرَّ هذا المعنى على مضمونه السياسي المعاصر.
إنّه مرجع مهم للباحث والمثقف والناشط السياسي ورجل الإعلام، وحتى صاحب القرار السياسي، الذين بات فهم الثورات العربية والقابلية للثورات، بدوافعها ومصائرها، أمرًا ضروريًا لهم كالخبز اليومي.