افتتح المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، اليوم السبت، مؤتمر "طلاب الدوكتوراة العرب في الجامعات الغربية"، الذي يقيمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، بمداخلة خصصها للحديث عن دوافع تأسيس المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا والأفكار التي أنشئا عليها، بالإضافة إلى الهدف من إقامة المؤتمر.
وبدأ الدكتور عزمي بشارة كلمته بالتفريق بين مفهومي الخبير والمثقف، مشددا على اعتبار اتخاذ مواقف أخلاقية في الشأن العام، حدا لتمييز المثقف، حيث بالإمكان أن تجتمع الموضوعية العلمية وليس الحياد مع المواقف الأخلاقية، وفصل في ظل ذلك الأفكار التأسيسية للمركز العربي ومعهد الدوحة، مبينا ضرورة التركيز على العلوم الاجتماعية في ظل تهميشها رسميا في الوطن العربي، وتعامل الأنظمة معها باعتبارها تخصصات للفاشلين.
وأشاد بشارة في هذا السياق بمعهد الدوحة الذي يتفرغ للعلوم الاجتماعية ويحترمها، ويقوم على إدراك أهمية الحقول البينية أو تداخل التخصصات في العلوم الاجتماعية، وإنتاج باحثين قادرين على التعامل مع القضايا العربية المركبة، نتيجة اطلاعهم على الإشكاليات المهمة في تخصصات مختلفة، متابعا أن "هدفنا طرح القضايا البحثية العربية بأجندة عربية، فنحن نريد إنتاجا علميا جادا ومحترما باللغة العربية".
في نفس السياق، بين عزمي بشارة أن رسالة المركز العربي للأبحاث قائمة على المنهج العلمي، وعلى الرغبة في خدمة الشأن العام للمجتمعات العربية، موضحا أن نقد النظريات الغربية حول المجتمعات العربية، والسجال معها ليس كافيا، مع أنه الخيار الأسهل، لكن الأهم هو إنتاج بديل عنها، وهو ما يتسق مع فهم دور البحث العلمي. وحذر من أن ذلك سيتعذر على البحاثة العرب بدون منهج عابر للتخصصات، مناسب للقضايا العربية الإشكالية والمعقدة، مثل هجرة الشباب وترييف المدينة العربية والثقافة السياسية العربية، وتصدر حركات هامشية مثل "داعش" المشهد السياسي العربي، نتيجة فشل الدولة، وهي ظواهر لا يمكن فهمها بمناهج أحادية.
وأضاف أنه لم يعد هناك بعد الثورات العربية، مبرر أمام الباحثين العرب لكي لا يساهموا في الإنتاج المعرفي العالمي، خاصة في مواضيع مثل التحول الديمقراطي.
وبين بشارة أن توجه المؤسستين عربي، بما يعني إنتاج معرفة عربية وباللغة العربية وحول قضايا عربية، يساهم فيها مجموعة من الباحثين العرب وغير العرب. وأوضح أن المركز العربي للأبحاث ومعهد الدوحة متحرران من التمويل الغربي المشروط دائما، الذي يقف حائلا أمام إيجاد أجندات بحث عربية، ويحدد هو المواضيع البحثية التي يجب الانشغال بها، ويحول المثقفين إلى ناشطين جمعياتيين يمتهنون العمل السياسي.
وأشار أيضا إلى المساهمة التي يقدمها "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، الذي يعمل على إنجازه 400 باحث وخبير عربي منذ أربع سنوات، وقد أبدت العديد من الجامعات اهتماماً لافتاً به.
وأشاد أيضا بالمؤشر العربي، الذي يضاهي ويتفوق على كثير من الاستطلاعات الغربية، والذي بدأ استخدامه كمرجع عن المجتمعات العربية في بعض الجامعات الغربية.
وأشار المدير العام للمركز العربي، إلى مساهمة المركز من خلال نشر الكتب المحكمة، التي وصل عددها إلى 300 كتاب حتى الآن، في التعويض عن غياب دار النشر الأكاديمية في الوطن العربي.