قال المفكر والباحث عزمي بشارة، إن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم تسلِّح المعارضة بشكل صحيح، وأخضعت قضية سوريا لحسابات إنهاء الصراع التاريخي مع إيران.
وقال بشارة في حوار مع برنامج "وفي رواية أخرى"على التلفزيون العربي، إنه تصادف حدوث الثورات العربية مع إدارة أميركية جاءت كرد فعل على إدارة بوش الابن، التى تبنت التدخل العسكري في شؤون الدول، والذي نتج عنه التوسع فى الإرهاب بدلاً من القضاء عليه؛ لذا كان من الصعب تدخل أميركا في سوريا عسكرياً.
وأكَّد أن الولايات المتحدة لم تقم بتسليح المعارضة بشكل صحيح، ولم تقم بالضغط على النظام بشكل صحيح أيضاً، عن طريق تهديده بشكل حاسم هو وجماعته بالرحيل، وطرده من الأمم المتحدة، فهذا كان كفيلاً بإنهائه.
وأوضح أن الإدارة الأميركية أخضعت قضية سوريا لتوازنات الصدام التاريخي مع إيران، وطال الزمن وتأخر الوقت وأصبح لدى الأميركيين حجة بأنه لا يمكن فعل شيء، وتأخروا كثيراً حتى تحوَّلت الثورة السورية في ظل القمع غير المسبوق إلى فوضى مسلحة، وكان من المفروض توقع ذلك، فترك الشعب السوري وحده بهذا الشكل كان سينشئ هذه الحالة من الكفاح المسلح.
وأكد أنه نتيجة لعدم اهتمام إدارة أوباما بالأحداث في سوريا سنحت الفرصة لروسيا بالتدخل، وبدأ بوتين في الإعداد للتدخل العسكري في الشأن السوري.
بشارة: لولا روسيا لسقط بشار الأسد رغم تدخل إيران والميليشيات المسلحة
وقال عزمي بشارة، إنه لولا التدخل الروسي في سوريا لسقط نظام بشار الأسد، رغم تدخل إيران والميليشات الشيعية التي تقاتل إلى جانبه.
وتابع في حواره ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ بمحاولة استعادة وضع روسيا الدولي في جورجيا لتثبيت مصالحها الإقليمية، وكان ينتظر فرصة لاستعادة الدولة العظمى وجاءت الفرصة في سوريا.
وأضاف أنه نتيجة التوصل لنتيجة مفادها أن أميركا غير مهتمة بموضوع سوريا؛ بدأ بالإعداد للتدخل، وتدخَّل في لحظة حاسمة، ولولاه لسقط النظام رغم تدخل إيران والميليشات الشيعية.
وأوضح أن الخطوة الروسية صنعت لها أوراقاً في المنطقة، وأصبحت طرفاً أساسياً مقرراً في سوريا، والعالم مضطر لمخاطبة روسيا لحل أزمة سوريا والأزمات في الشرق الأوسط، ويمكن قراءة الموقف الروسي ونظرته للديمقراطية باعتبارها امتداداً غربياً ويقف ضده ويعارضه.
وأكد أنه في ظل محاولات بوتين استعادة روسيا العظمى تعامل العالَم معه باعتباره دولة عالم ثالث، وفرض عليه عقوبات وكانت بمثابة إهانة له.
وعن أهمية سوريا بالنسبة للدب الروسي، قال بشارة، إن روسيا تسعى لترجمة تدخلها العسكري لحل سياسي بقدرتها على رعاية عملية تؤدي لسلام، بخلاف إيران تتدخل لانتهاز فرصة حسم المعركة عسكرياً.
وشرح تحليله قائلا: "روسيا تدخلت لمنع سقوط النظام عسكرياً وفرض حل سياسي، ولكن إيران تعتقد أن التدخل لحسم المعركة عسكرياً، وعقلية إيران تبحث عن هيمنة إقليمية من إيران للعراق لسوريا للبنان حتى المتوسط، فتسعى للهيمنة على العراق بالسيطرة على سوريا، والوصول للمتوسط غير ممكن دون سوريا، ومسألة فلسطين بالنسبة لها ليست مسألة تحرير ولكنها أوراق ضغط عالمي، أي أن إيران تسعى للهيمنة في المنطقة.
وتابع: "روسيا تريد تحقيق وضع استقرار فى سوريا سواء بالأسد أو دونه، وما يهمها أنها رعت عملية سياسية حافظت فيها على سوريا، وبشكل فيه نوع من الوفاق الذى يحافظ على الدولة، أما عن الانتقال الديمقراطي فهذا ليس موضوعهم على الإطلاق، والإيرانيون يحاربون من أجل الحل العسكري، وسيحاربون من أجل وجودهم في سوريا بوصفه جزءاً من الحل السياسي.
"بشار الأسد يشن حرباً على شعبه.. وروسيا وإيران أصحاب القرار في سوريا"
قال المفكر والباحث عزمي بشارة، إن نظام بشار الأسد يشن حرباً عاتية ضد شعبه بعدما رفض إجراء إصلاحات ديمقراطية ترضي السوريين، مؤكداً في الوقت ذاته أن "الأسد" كان صاحب قرار في بداية حكمه، أما الآن فأصبحت روسيا وإيران هما من يقرران ما يحدث في دمشق.
وتابع ان النظام السوري تردد بعد الحالة المصرية والتونسية في كيفية التعامل مع المظاهرات، وكان هناك عناصر داخل النظام تدعو لإجراء إصلاح، وطرف آخر كان يدعو للقمع ويرى أنه في حالة فتح النظام السوري أي مجال للإصلاحات فسيؤدي ذلك لانهياره.
وأضاف: "القوة التي ترى استخدام العنف كانت تؤيدها إيران ومن ورائها حزب الله في لبنان، وكان لديهم رؤية بوجوب ضرب الحركة الشعبية والمعارضة، وعدم إعطاء مجال لطرح أسئلة حول طبيعة النظام، وأدَّى ذلك في النهاية لشن حرب على الشعب السوري، وفي الواقع الحركة الشعبية ضُرِبَت بالقمع، ولا يوجد شعب يتظاهر بالملايين أمام قوة جيش عاتية، فالمظاهرات المليونية تنجح لو كان الجيش يقف على الحياد ولا يحاربها".
وحمَّل بشارة النظامَ السوري مسؤولية الوضع القائم، مضيفاً: "ولا يستطيع أن يقول أننا لم ننبه، فأنا أمضيت 3 أسابيع أقول إن الإصلاح هو الطريق الوحيد والقمع سيأخذ البلد للمجهول، وكان الردُّ زيادة القمع بإطلاق الرصاص، واختراع تمثيليات امتلاك المواطنين للسلاح، والنظام اعترف بذلك لاحقاً وأنه كان مخطئاً.
وأشار إلى أن نظام الأسد كان يختبر سقف المجتمع الدولي، وبعد تجربة استخدام السلاح الكيماوي أصبحت حربه العاتية ضد الشعب السوري ليس لها سابق في التاريخ. مضيفاً أن العالم لم يعرف أي نظام سبق واستخدم طائراته ضد شعبه، أي طبيعة لنظام كهذا، ولا يوجد مبرر لما يقوم به، والتنازل عن الحكم أشرف بكثير من تدمير الشعب والبلد، وكان بإمكانه إرضاء الشعب السوري بالمصالحة، ولا شك أن الشعب كان سيتقبل الإصلاحات.
وأكد أن النظام السوري لم يتحمل أي نقاش أو حياد بداخله، ولم يتحمل إقامة مؤتمر وطني لمناقشة الإصلاحات، وكان يتعامل بمنطق إما معي أو ضدي، وهذا النوع من التفكير يرى فى البلد مزرعة يملكها حكام المزرعة؛ حيث لا يوجد فكر دولة ولا وطن ولا مواطنة؛ لدرجة تفضيل ميليشات أجنبية على الشعب.
ويرى الدكتور بشارة أن النظام السوري متآكل الآن، وبشار الأسد كان صاحب قرار في بداية حكمه لقوة منصب الرئاسة، والآن لم يعد يقرر، بل أصبح القرار بيد إيران وروسيا.
بشارة: فتح وحماس يتصارعان على سلطة ليس لها صلاحيات
وفي الشان الفلسطيني أبدى المفكر والباحث عزمي بشارة تعجبه من الانقسام الفلسطيني بين حركة فتح وحماس، وطالب بعودة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها على المستوى الدولي للحديث باسم فلسطين وللمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال، "أنا شخصياً أجد صعوبة في استبعاب الانقسام الفلسطيني، وأجد صعوبة في فهم الحرص على سلطات تحت احتلال".
وأضاف: "المعضلة أنت على أرضك وقبلت بسلطة تحت الاحتلال؛ مما جعل الشعب يتنافس على السلطة قبل الاستقلال، تماماً مثل القوى المصرية السياسية التي تنافست على الحكم قبل أخذه، فنحن لم نصل لدولة وتصارعنا على دولة ليس لها سيادة وسلطات، بالطبع إسرائيل هي الدولة التي لها سيادة وتحدد لك حصتك في الطعام وعدد أفراد شرطتك فأي سلطة هذه؟، هذا مثل إدارة سجن تعطي السجناء حق تشكيل لجنة لإدارة شؤون السجن".
وطالب بشارة باستعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها ممثلاً للفلسطينين وبتبعية السلطة لها؛ لإعادة طرح قضية تحرير فلسطين، واستعادة دورها على المستوى العالمي لطرح قضية الضفة والقطاع.
وتابع: "حماس تحكم قطاع غزة وتفكر ليل ونهار في كيفية إعالة قطاع غزة، فكيف تناضل ضد الاحتلال وهي في الوقت نفسه توفر لقمة العيش لقطاع غزة، فهي وضعت نفسها في حصار من جهة مصر، وكذلك من جهة إسرائيل، ولو حدثت وحدة وطنية فحماس ستقول ما هو وضعي لو توحدنا، حيث يمكن أن يعاملونا كمعتقلين كما حدث مع إخوان مصر، لذا فعلى فتح توفير ضمانات ومنح حركة حماس الثقة فيهم".
وعن أسباب عدم انتفاضة الفلسطينين على الحركتين قال إن أكثر من 90% من الشعب الفلسطيني مع الوحدة، ولا يقبلون تبريرات الأطراف لخلافاتهم، وكثرة المفاوضات والوعود بالوحدة خلقت نوعاً من عدم الثقة، لكن الشعب الفلسطيني ما زال يرى خصمه الرئيسي إسرائيل، والفلسطينيون كذلك يخشون الحرب الأهلية، إلى جانب أن قطاع غزة والضفة فيهما قبضة أمنية قوية.
تلفزيون العربي