حيفا-فراس خطيب
أطلق قرار المحكمة الإسرائيلية رفع حظر النشر عن قضية رئيس حزب «التجمّع» الديموقراطي عزمي بشارة، حملة ضد فلسطيني 48، ولا سيما أن الأصوات بدأت تتصاعد داخل إسرائيل لتعميم التهم.
أقرَّت محكمة الصلح الإسرائيلية، أمس، رفعاً جزئياً لأمر منع نشر عن قضية رئيس حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» عزمي بشارة. وسمحت بنشر بنود الاتهام من دون تفاصيل التحقيق كاملة، موضحةً أن النشر الكامل سيتم بعد سبعة أيام.
وتوجّه الشرطة الاسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي العام (شاباك)، تهماً أمنية «ثقيلة» ضد بشارة، تعدّ من أخطر التهم التي يحتوي عليها القانون الجنائي الاسرائيلي والتي تندرج تحت عنوان «الخيانة العظمى».
ويتهم بشارة بـ«مساعدة العدو أثناء الحرب» و«منح معلومات للعدو»، والاتصال بعميل أجنبي، كما يتهم بإدخال أموال إلى إسرائيل من دون إعلام السلطات، ما يتنافى مع قانون منع تبييض الاموال الاسرائيلي. وجاءت هذه الأموال، بحسب بيان السلطات الاسرائيلية، لدعم «الإرهاب».
وادعت الشرطة الاسرائيلية أنَّ التهم الموجهة إلى بشارة، ترتكز على «معلومات استخبارية»، مدّعية بأنها جمعت أدلة «تؤكد جزءاً من التهم ضد بشارة». وهو ما نفاه عزمي وحزب التجمع.
وفي أول تعليق له بعد رفع حظر النشر، نفى بشارة، لقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، كل التهم الموجهة إليه، جملة وتفصيلاً، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية جعلت من تحليلاته السياسية ومحادثاته الشخصية مع العالم العربي وعلاقاته بالمثقفين تهماً أمنية، وحولتها إلى «إعطاء معلومات للعدو».
وأشار بشارة إلى أن الاتهامات الملفقة تهدف إلى توجيه رسالتين؛ الأولى للعالم الغربي تزعم أن الفكر الديموقراطي ودولة المواطنين وما يطرحه بشارة هو مجرد غطاء لمخالفات أمنية. أما الرسالة الثانية، فهي موجهة إلى فلسطينيي 48، بهدف تخويفهم من الخطاب الذي يطرحه التجمع. وشدّد على أن القضية هي قضية سياسية محضة، وأن شخصنتها تخفي الأهداف التي تكمن وراء هذه الحملة.
كما سخر بشارة من عملية تحويل التحليلات السياسية إلى تهم أمنية من باب «إعطاء معلومات للعدو». وقال «هل يعتقدون أن تحليلات عزمي بشارة أدت إلى هزيمة إسرائيل؟ لا يُستبعد عنهم شيء، فهم في أزمة سياسية ويبحثون عن مخرج».
زحالقة
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لـ«التجمع»، جمال زحالقة، لـ «الأخبار»، إنّ هذه التهم «ملفّقة» وتأتي لـ«معاقبة عزمي بشارة على مواقفه السياسية»، مشيراً إلى أنّ دافعها «ايديلوجي، لأنّ حزب التجمع الوطني ورئيسه عزمي بشارة طرحا تحدياً ديموقراطياً مناهضاً للصهيونية عبر دولة لكل مواطنيها وعن طريق المطالبة بالحقوق الجماعية والحقوق القومية الكاملة».
ووصف زحالقة التهم الموجهة إلى بشارة بأنها «انتقامية»، تأتي في هذه الآونة تحديداً «بعد الفشل الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية وانشغال اسرائيل بهوس ترميم قوة الردع ضد العرب. كل العرب، بمن فيهم فلسطينيو 48».
ودان زحالقة السياسيين الاسرائيليين والتصريحات التي طالبت بـ«القبض على بشارة اينما كان وسحب المواطنة منه ومحاكمته». وقال «إنّ السياسيين الاسرائيليين دانوا بشارة قبل الكشف عن التهم»، مشيراً إلى أنّهم «يتبنون ايديولوجية الشاباك، لكونهم عاجزين عن المواجهة الفكرية والسياسية ويحاولون حسم الصراع السياسي بهذه الطريقة التي نراها اليوم». وأوضح أن «هذه الممارسات تعرّي أسطورة الديموقراطية الاسرائيلية».
ودعا «التجمع الوطني» الجماهير الفلسطينية في الداخل إلى المشاركة في مهرجان شعبي عصر السبت في مدينة الناصرة، بمشاركة ممثلين عن القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية.
ورأى «التجمع»، في بيان له، أنّ قرار المحكمة إلغاء أمر منع النشر بصورة جزئية، يأتي «استمراراً لمخطط الشاباك في السيطرة على المعلومات المتعلقة بالتحقيق مع عزمي بشارة بغية عدم الكشف عن الطابع السياسي والمفبرك للتحقيق».
واشار البيان إلى أن بشارة وحزب التجمع ينفيان جملةً وتفصيلاً كل بنود الاتهام الملفقة ويريان في هذه الاتهامات جزءاً واضحاً ومفضوحاً من مخطط الملاحقات ضد بشارة و«التجمع».
وأضاف البيان إن الشبهات الموجهة إلى بشارة هي «محض افتراءات وقحة وفظة تبيح دمه في دولة إسرائيل»، وخصوصاً أنّ الجمهور الإسرائيلي مُعبّأ ضد العرب وضد التجمع الوطني وقيادته، بعد عملية التحريض المستمرة منذ هبة القدس والأقصى في تشرين الثاني 2000.
وتابع البيان أن «فشل سياسات الدولة في التحريض ضد التجمع على خلفية دولة كل المواطنين، التي تعكس مطالبة بمساواة قومية ومدنية كاملة، وفشل الدولة في التعامل مع موقف التجمع وبشارة المعارض لكل محاولات فرض حلول سياسية بالقوة، أدت بها إلى محاولات تجريم بشارة أمنياً». كما أشار البيان إلى أنه «من الواضح أن الشاباك سيعمل ضدّ من يسعى لتغيير طابع الدولة كدولة يهودية، حتى لو جرى هذا السعي ضمن وسائل وأدوات توفرها الديمقراطية».
وقال المحامي رياض الانيس، الذي مثّل عزمي بشارة في قضايا سابقة، وكان رئيس هيئة الدفاع عن رئيس الحركة الاسلامية الشيخ رائد صلاح، لـ «الأخبار»، إنّ التهم الموجهة إلى بشارة من «أخطر ما يحتوي عليها القانون الجنائي الاسرائيلي».
وأوضح أن العقوبة القصوى للتهم تصل إلى «الحكم بالسجن المؤبد أو الإعدام لمن تثبت إدانته بمساعدة العدو اثناء الحرب».
وأوضح الأنيس أن ما يجري اليوم في قضية بشارة هو «شبهات لم تقدم بها حتى الآن لائحة اتهام. ويمكن تقديم لائحة اتهام، لكن لا يمكن الاستمرار بالمحكمة ولا يمكن محاكمة بشارة غيابياً حسبما ينص عليه القانون الاسرائيلي».
وفي مقارنة بين قضية الشيخ رائد صلاح وقضية بشارة، قال الانيس إن الهدف في الحالتين كان واحداً وهو «اجتثاث فكر قومي أو إسلامي يتعارض مع يهودية الدولة»، مشيراً إلى أنّ الهدف هو «تجريم أمني من أجل إقصاء سياسي».
وقال إن «التحقيق مع الحركة الاسلامية بني على تنصتات على الهواتف والفاكسات وغيرها قبل عامين من التحقيق، وفي قضية بشارة تمّ التنصت على هواتفه قبل حرب لبنان الثانية وبعدها، فإذا كان الهدف أمنياً، لماذا لم يمنع الشاباك بشارة من الاستمرار مثلاً في هذا النهج ولم يحذره؟ وكان قد اتبع الاسلوب نفسه مع الحركة الاسلامية»، مشيراً إلى أنَّ «هذا ما يثبت نيات تلفيق التهم من اجل أهداف سياسية».
في حديث للإذاعة الاسرائيلية الرسمية، قال المحلل القانوني للاذاعة موشيه هنغبي إن التهم خطيرة، موضحاً أن «الشاباك الاسرائيلي اختلق ادلة في قضايا مختلفة في السابق أبرزها قضية «الخط 300»، في إشارة إلى قضية قتل الشاباك لفلسطينيين بعد اعتقالهما على قيد الحياة.
لأخبار اللبنانية
الخميس ٢٦ نيسان ٢٠٠٧