أدلى النائب د.عزمي بشارة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، الخميس، بتصريحات خاصة لوسائل إعلام محلية، سوف يتم نشرها اليوم الجمعة، تركّزت في الهجمة السلطوية وتلفيق الملف الأمني ضده، والتي بدأت منذ نحو ثلاثة أسابيع.
وحول عملية التحريض، قال بشارة لـ"كل العرب": "فوجئتُ منذ أيام بحملة تحريض غير مسبوقة وغير مفهومة من كافة وسائل الإعلام العبرية، ومن مأجورين عرب من خدام المؤسسة الحاكمة، ما لبثت أن تحوّلت إلى موجة تؤكد أنهم يُعدّون لأمر خطير. جرى هذا أثناء وجودي خارج البلاد، بعد أن سافرتُ في رحلة عمل بدأت بمحاضرة في رابطة الكتاب الأردنيين، تلتها ما شاهدتموه من مرافقة القمة العربية على قناة "الجزيرة" ثم مداخلة في منتدى الإعلام في الدوحة، ثم توجهت إلى عمان لمقابلة عائلتي لأنّ الأولاد في عطلة."
وأضاف بشارة: "أعلم أنه بدأ تحقيق ضدي وأنه ذو طابع أمني، وهنالك منع نشر عن طبيعة التهم الموجهة لي، ولكن بات واضحًا للجّميع، من تصريحات السّاسة الإسرائيليين وما سُرِّب لهم وللصحافة، أنها تهم أمنية. وأضيف أنني أنكرها جملة وتفصيلا. وواضح أنّ الفصل الجديد في الملاحقة ليس دستوريًا، كما في حالة عدم الاعتراف بيهودية الدولة، ولا جنائيًا كما في حالة التهمة المتعلقة بالتحريض على العنف، ولكنه "أمني" بالمفهوم الإسرائيلي للأمن."
وحول النوايا المُبيّتة والآليات المخابراتية التي تُستخدم ضده، قال بشارة: "حجم التحريض يدلّ على أنهم اتخذوا قراراتٍ خطيرة أوصلتهم حدّ تصوير بيتي ونشر عنوانه والاهتمام بتحركات عائلتي ونقلها إعلاميًا. هذه قواعد لعبة جديدة، لا تمتّ للقضاء والعدل ولا حتى بمفهومه الإسرائيلي بصلة، ولا حتى بمفهوم من يريدونه أن يعتاد على أن يثبت براءته للمجرمين، من دون توقف. لقد أمضيتُ طيلة الفترة الماضية مُهتمًا بقضايا الناس اليومية بشكل مُكثف، بما فيها إدخال تقليد زيارات السبت للقرى العربية. ما قمت فيه في الكنيست بات مُتاحًا للجميع، وهنالك كتلة تجمعية قوية، وقد آن الأوان لأن أفرد وقتا لما أعتبر ويعتبره الناس مفيدًا أكثر، في هذا الجيل. وقد أقمنا مؤسسات حزبية بالضبط لتكون غير مُشخصَنَة. ويجب أن يُقيّم هذا إيجابيًا. لم أعُد قادرًا على أن أعمل كنائب في ظروف تعرفونها وأن أكتب وأنتج فكريًا وأعمل على بناء مؤسسات الحزب وغيرها، كل ذلك في نفس الشخص ونفس الوقت. كان هذا هو مجرى الأمور الطبيعي برأينا. وعكس ما يُروّج مأجورون فإنّ التطورات الأخيرة لم تدفعنا للاستقالة، بل لإعادة التفكير فيها، وبكلّ قواعد اللعبة هذه، هل يعقل أن نلاحق بهذا الشكل؟ هل يعقل أن أسمّى "نائبا" وأن أتعرّض للملاحقة بهذه الأساليب؟".
وحول خطواته المستقبلية قال بشارة لـ "كل العرب": "نحن ندرس خطواتنا حاليا، ولم نتخذ أية قرارات. ولكن هنالك التزامات فعلية عندي عليّ أن أنهيها، فلستُ عبدًا لقواعد لعبة وإيقاع ناس يتعاملون معنا كأعداء، ولا أسمع نصائحَ من أعرف أنه يرغب بتصفيتي، ولا أعاني عقدة نقص تجعلني أرغب بإثارة إعجاب المحرضين ضدي، أو ينهار عالمي إذا شنّوا حملة تحريض. فعالمنا أوسع وأرحب من عالم صغار السياسيين والصحافيين الإسرائيليين ومُخبريهم من العرب، وبعضهم لا يعرف أني حتى لا أقرأ ما يكتب".
وفيما يخص النشر حول طلب الأردن لبشارة ترك المملكة وكل التشويهات الأخرى، قال بشارة مؤكدًا: "لقد استغربتُ السؤال أصلاً. الترحيب هناك رسمي وشعبي، كالعادة، وفقط عندكم الحالة غير عادية، ويحسبون أنّ العالم كله يدور حول إسرائيل".
وفي تصريحات لصحيفة "حديث الناس" قال بشارة: ""تعوّدنا أن نعير من يتمسّك بالكرسي، لا من يستقيل ويفسح مجالا لغيره، أيضًا أن يتطور ويُقدّم للحركة. وبدل تحيّتنا على هذه الخطوة -رغم الخطر الذي يرافقها من التنازل عن الحصانة والامتيازات- أصبح علينا أن نجيب البعض على الاستقالة من الكنيست كأنها فعل سلبي. فبموجب ما يُراد أن يُشاع حاليًا من ثقافة سياسية انتهازية تعتبر الدجل وعدم المبدئية شطارة، أصبح التمسّك بالكرسي والمنصب محمودًا ويجب تبرير الاستقالة."
وأضاف بشارة حول موضوع استقالته من الكنيست: "لقد مهّدتُ للاستقالة منذ فترة لأني استنفدتُ الأدوات البرلمانية. وفعلتُ ما يمكنني فعله بالأدوات المتوفرة، ولأنّ إحدى عشرة سنة مكثفة تكفي، وأرغب بأن أُفرد وقتا أطول لأمور أخرى تهمُّني وتهمّ المجتمع، مثل الكتابة الأدبية والفكرية وإعطاء وقت أطول للقضايا العربية. ورغم إلحاح الحزب عليّ للبقاء في منصبي البرلماني، قدمتُ الاستقالة في أيلول الماضي للمكتب السياسي، وانتظرتُ حتى إتمام تشريعات هامة، أهمها قانون شلل الأطفال الذي رافقني فيه مرضى عرب طوال العامين الماضيين، وهو أمانة أدّيتُها. وأترك لآخرين تلخيص تجربة إحدى عشرة سنة من العمل البرلماني تركت بصماتها على كافة أدوات معالجة قضايا الناس".
وحول حملة التحريض الجارية ضده من طرف مأجورين معروفين، قال بشارة: "ليتساءلوا وليُحرّضوا ولتثُرْ ثائرتهم؛ فماذا مُتوقع أن يفعل من يتعامل معك كعدو ويصرح بذلك، ويعترف بأنك تهدّده بأفكارك وممارستك، وأنك قلبت له الخطاب السياسي رأسًا على عقب، وأنه لا يقبل أن يصادر أحدٌ الخطاب الديمقراطي منه، وأنه لا يستطيع احتواءك، وأنك ترفض أن تعتبر أعداءه أعداءك؟ هل يمدحك من يحقد عليك أم يبحث عن وسيلة للإيقاع بك؟.. لقد بنينا سوية ثقافة سياسية عقلانية ومتحررة من وصاية المؤسسة الصهيونية وهيمنتها على عقولنا، ونحن ثقة أنّ المبادئ والأخلاق الوطنية قادرة على تحدي حملة التحريض والتهويل والصمود في هذا الامتحان أيضًا".
عرب 48